وخلاصتها تحمل كل الأحداث الطبيعية برباطة جأش، والنظر دون تضرر إلى جميع الحوافز والعمليات الطبيعية، والاستمتاع بكل لذة سليمة دون كبت ديني متزمت أو تبكيت لاهوتي للضمير. لقد كان بنتاجرويل "يتقبل كل شيء برضى، ويفسر كل فعل بأحسن نية، لا يناكد نفسه ولا يزعجها … لأن كل ما تحويه الأرض من متاع … لا يساوي أن تضطرب من أجله عواطفنا أو تختل، وأن نفكر أو نحير بسببه حواسنا أو أرواحنا"(٣ - ٢). ويجب ألا نبالغ فيما تحويه هذه الفلسفة من عنصر أبيقوري، فخمريات رابليه لفظية أكثر منها كحولية، وهي لا تنسجم تماماً مع ما وصفه به أحد معاصريه من أنه رجل "طلق المحيا لطيف الوجه هادئة"(٣٦). أما الخمر الذي احتفى به فهو خمر الحياة. إن هذا الأمير المزعوم لمدمني الخمر يضع على فم جارجانتوا عبارة تصوغ في بضع كلمات تحدي العصر الذي نعيش فيه "إن العلم بغير ضمير ليس إلا مجلبة لخراب النفس". (٢ - ٨).
ولقد اعتزت فرنسا برابليه أكثر من اعتزازها بأي من عمالقة القلم فيها باستثناء مونتيني ومولير وفولتير. ووصفه إتيين باسكييه الذي عاش في قرنه بأنه أعظم كتاب العصر. وحين تصلبت عادات المجتمع الفرنسي في القرن السابع عشر تحت المخرمات والباروكات، وطغت الأشكال الكلاسيكية، فقد رابليه بعض مكانته في ذاكرة الأمة، ولكن حتى في تلك الفترة اعترف موليير وراسين ولافونتين بتأثرهم به، وأحبه فونتينيل، ولابرويير، ومدام دسفنيه، وانتحل باسكال تعريفه لله. أما فولتير فقد بدأ باحتقار جلافته، وانتهى بالولاء له. وحين تغيرت اللغة الفرنسية استعصى فهم رابليه على القراء الفرنسيين في القرن التاسع عشر، ولعله اليوم أكثر شعبية في البلاد الناطقة بالإنجليزية منه في فرنسا. ذلك أن السر تومس أوركهارت نشر في ١٦٥٣