للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجداول الضحلة، ولم يستعملوه إلا حيلة. وقد قدر لاس كازاس أن السكان الوطنيين لجزر الهند تناقصوا من ١٢. ٠٠٠. ٠٠٠ (وهو رقم مغالي فيه ولا ريب) إلى ١٤. ٠٠٠ في ثمانية وثلاثين عاماً (٥٣). وانضم المرسلون الدومنيكان والجزويت إلى لاس كازاس في الاحتجاج على هذا الرق الهندي (٥٤)، وكانت إيزابللا لا تفتأ تندد به (٥٥). ووضع فريداند وكسيمينيس شروطاً رحيمة بعض الشيء لتجنيد العمال الهنود (٥٦)، ولكن تعليمات هؤلاء السادة بشأن معاملة الوطنيين كانت تلقي الإهمال في أغلب الأحيان أثناء استغراقهم الشديد في شئون السياسة الأوربية.

وقام جدل صغير حول فتح المكسيك. ذلك أن فرانشسكو لوييز دجومارا كتب يروي قصة هذا السطو الظالم في انحياز شديد لكورتيز. واحتج برنال دياز ديل كاستيللو على الرواية بأن ألف في ١٥٦٨ "التاريخ الحقيقي لفتح إسبانيا الجديدة" وفيه دان كورتيز على اختصاصه نفسه بكل مفاخر الفتح ومكاسبه دون أن يترك إلا أقل القليل للجنود البواسل من أمثال برنال، هذا مع ثنائه على كورتيز مما يستحقه. والكتاب يستهوي القارئ لأنه يزخر بشهوة الحركة وبهجة الانتصار والدهشة البريئة مما كانت ترفل فيه مكسيك الأزاتكة من ثراء وترف. يقول "حين شاهدت ما أحاط بي من مناظر قلت لنفسي هذه جنة الدنيا" ثم يضيف "وهذا كله دمر" (٥٧).

وقد نسبت أنضج المؤلفات في تاريخ إسبانيا، وأشهر رواية إسبانية كتبت في هذه الفترة، إلى كاتب واحد، اسمه ديجو أورتادو دي مندوزا ولد بغرناطة بعد أن فتحها فرديناند بنحو أحد عشر عاماً. وكان أبوه قد ظفر بالمجد لحسن بلائه في حصارها، فعين حاكماً للمدينة بعد سقوطها. وتلقى الفتى علومه في سلمنقة، وبولونيا، وبادوا، فحصل ثقافة عريضة في اللاتينية واليونانية والعربية، وفي الفلسفة والقانون، وراح