للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغضب التي دمرت في لحظات الانتصار تلك التماثيل التي عاونت على إخضاعهم. لقد كان التخريب وحشياً وهمجياً، ولكن الذنب فيه يجب أن يلقي على تلك المؤسسة التي ظلت قروناً تضع العقبات في طريق إصلاح ذاتها.

وانتهت حياة الفن القوطي في هذه الفترة، ولكن حركة الإصلاح البروتستنتي لم تكن سوى سبب واحد من أسباب موته. صحيح أن الانتقاض على الكنيسة الوسيطة رافقه زهد في طرز العمارة والزخرفة التي طالما اقترنت بهذه الكنيسة. بيد أن الفن القوطي كان يحتضر حتى قبل أن يتكلم لوثر. كان يشكو في فرنسا الكاثوليكية شكواه في ألمانيا وإنجلترا المتمردتين؛ لقد احترق في وهج ناره، وكانت النهضة كما كانت حركة الإصلاح البروتستنتي كارثة عليه. ذلك أن النهضة أقبلت من إيطاليا التي لم تحب القوطي قط، والتي سخرت منه حتى وهي تقتبسه، وقد انتشرت النهضة أكثر ما انتشرت بين المتعلمين الذين لم يستطع تشككهم المهذب أن يتفهم ذلك الإيمان المشبوب، إيمان الحروب الصليبية وعهد القوط، وإذ تقدمت حركة الإصلاح البروتستنتي، أصاب الكنيسة ذاتها، التي وجدت في العمارة القوطية التعبير الفني الأسمى لها، فقر شديد من جراء فقدها بريطانيا وألمانيا وإسكندناوة، ومن جراء الغارات التي شنها الملوك الكاثوليك على دخلها بحيث لم تقو على تمويل الفن بالسخاء الذي مولته به من قبل، أو على تقرير الذوق والطراز الفني. وراحت النهضة- تلك الحركة ذات التأثير الدنيوي والوثني-تؤكد يوماً بعد يوم ميولها ونزعاتها الكلاسيكية التي تغلبت على التقاليد المقدسة، تقاليد الإيمان والشكل الوسيطين. وتخطى الناس-في غير تقوى-قروناً من التقوى والخوف ليستعيدوا من جديد مشاعر العصر القديم الشبوبة، مشاعر حب العالم وحب اللذة. وأعلنت الحرب على الفن القوطي بوصفه