لتحريم العرى أو البذاءة أو الوثنية أو الهرطقة في الفن، ولتحديد طريقة تناول المواضيع المقدسة في النحت والتصوير، ولتوجيه الفن الأسباني وجهة التبصير بالإيمان وتثبيته.
ومع ذلك كان التأثير الإيطالي يتدفق إلى أسبانيا. فارتقاء الأسبان عرش البابوية وفتح ملوك الأسبان نابلي وميلان، وحملات الجيوش الأسبانية وبعثات رجال الدولة والكنيسة إلى إيطاليا، والتجارة الرائجة بين أسبانيا والثغور الإيطالية، وزيارة الفنانين الأسبان أمثال فورمنت وبيروجويتي وابنه لإيطاليا، والفنانين الإيطاليين أمثال توريجيانو وليوني ليوني لأسبانيا- هذه العوامل كلها أثرت في الفن الأسباني من حيث طرائقه وزخرفته وأسلوبه، ولم نؤثر تأثيراً يذكر في روحه أو موضوعه؛ أثرت في التصوير أكثر مما أثرت في النحت، وكانت أقل ما تكون تأثيراً في العمارة.
وسيطرت الكاتدرائيات على مشاهد الريف والمدن سيطرة الدين على الحياة. فالرحلة في أسبانيا أشبه بالحج من هيكل إلى آخر من هذه الهياكل الجبارة. وضخامتها المهيبة، وغنى زخارفها الداخلية، وصمت أبهائها الذي يلفه ضوء خافت، وأشغال الحجر المكرسة التي تبني بها أروقتها، كلها تبرز البساطة والفقر الواضحين في مساكن الآجر الجميلة المتزاحمة في أسفلها وهي تتطلع إليها كأنها الوعد بعالم أفضل. وظل الطراز القوطي هو السائد في الكاتدرائيات الشامخة التي ارتفعت في سماء سلمنقة (١٥١٣) وسقوبية (١٤٢٢)، ولكن المعماري ديبجو دي سيلوي، وكان ابن نحات قوطي الفن، صمم الأجزاء الداخلية من كاتدرائية غرناطة بأعمدة وتيجان كلاسيكية، وتوج التصميم القوطي بقبة كلاسيكية (١٥٢٥). وأزاح طراز النهضة الإيطالية الطراز القوطي إزاحة تامة في قصر شارل الخامس بغرناطة. وكان شارل قد وبخ أسقف قرطبة