وهو يصفه بالمشعوذ، ثم في ١٥١٣ إذا يذكره موتيانوس روفوس بوصف ليس بأرق من هذا. وقد كتب فيليب بيجاردي، أحد أطباء فورمز في ١٥٣٩ يقول:"في السنوات الأخيرة كان رجل عجيب يجوب كل إقليم وإمارة ومملكة تقريباً … ويفاخر ببراعته الفائقة لا في الطب فحسب بل في قراءة الكف، والفراسة، والعرافة بالتحديق في الكرة البلورية، وما شابه ذلك من فنون … ولم ينكر أن اسمه فاوستوس"(٢٢)(ومعناه المحظوظ). ويبدو أن فاوست التاريخي مات في ١٥٣٩ - ويقول ملانكتون إن الشيطان لوى عنقه. وبعد موته بأربع سنوات ظهرت أسطورة فاوست حليف الشيطان في كتاب "عظات مرحة" بقلم قسيس بروتستنتي في بال يدعى يوهان جاست. وقد تضافرت فكرتان قديمتان على تحويل الدجال التاريخي إلى شخصية بارزة أو علم سواء في الأسطورة والمسرحية والفن: أولاهما أن الإنسان قد يكتسب قدرات سحرية بتحالفه الوثيق مع الشيطان، والأخرى أن العلم اللاديني إنما هو غرور وقح قد يؤدي بصاحبه إلى الجحيم. وفي فترة ظن الناس أن الأسطورة كاريكاتور كاثوليكي يسخر من لوثر، ولكن نظرة أعمق للأسطورة رأت أنها تعبير عن استنكار الدين للعلم "الدنيوي" الذي يناقض تقبل الكتاب المقدس في تواضع، لأن فيه الكفاية من العلم والحقيقة. أما جوته فقد استنكر هذا الاستنكار، وسمح لتعطش الإنسان للعلم بأن يطهر ذاته باستخدامه للصالح العام.
وتجسدت أسطورة فاوست تجسداً مراً في شخص هنري كورنيليوس أجريبا. وقد ولد من أسرة طيبة بكولونيا (١٥٤٧) ثم شق طريقه إلى باريس، وهناك التقى مصادفة بنفر من المتصوفة أو الدجاجلة الذين ادعوا الحكمة الخفية. وإذ كان متعطشاً للمعرفة والشهرة، فقد احترف الكيمياء القديمة، ودرس القبلانية، واقتنع بأن هناك