وأبنائه، وعيّن مؤرخاً رسمياً وأمين مكتبة لبلاط مرجريت الوصية على عرش النمسا، ووفق في كسب قوته بطريقة منتظمة. وعكف الآن على تأليف أهم كتبه "في عدم يقينية العلوم وغرورها". وقد نشره عام ١٥٣٠، ثم نشر كتاب "فلسفة السحر" الذي ألفه في شبابه-ونشره الآن مما يثير العجب، وصدره بمقدمة تنصل فيها من استمرار إيمانه بالتعاويذ والمعميات الصوفية المفصلة فيه. وتأذى الراسخون في العلم من الكتابين جميعاً.
أما كتابه "فلسفة السحر" فقد أكد أن "روح الكون" تسود العالم وتحكمه كما أن روح الإنسان تسود الجسد وتحكمه، وأن هذا المستودع العظيم لقوة الروح يمكن أن يستمد منه العقل إذا طهر خلقياً ودرب في صبر على الأساليب المجوسية. ومتى اكتسب العقل هذه القوة، استطاع أن يكشف الخصائص الخفية للأشياء والأعداد والحروف والكلمات، وأن ينفذ إلى أسرار النجوم، وأن يسيطر على قوى الأرض وشياطين الهواء. وراج الكتاب رواجاً كبيراً، وأفضى تعدد طبعاته بعد موت أجريبا إلى قصص أسطورية حول تحالفه الوثيق مع شيطان كان يرافقه متنكراً في صورة كلبه (٢٥)، ويمكنه من الطيران فوق الكرة الأرضية والنوم في القمر (٢٦).
وقد خففت صروف الدهر من مزاعم أجريبا عن التجربة التي ترق فوق الحس، فتعلم أنه ليس في مقدور أي سحر أو كيمياء (قديمة) إطعام أسرته أو حمايته من السجن بسبب الدين. وانقلب في خيبة أمل غاضبة على البحث عن المعرفة، فكتب في عامه التاسع والثلاثين أكثر كتب القرن السادس عشر تشككاً قبل مونتيني "في عدم يقينية العلوم وغرورها". وقال في تصديره للكتاب "إنني أدرك جيداً أي معركة دامية على أن أخوضها … أولاً سيثير النحويون القذرون