ومن ثم تكيف نفسها في شكل كروي، ثالثاً، أن حركات الأجرام السماوية حركات دائرية متماثلة، أو مكونة من هذه الحركات-لأن الدائرة هي "أكثر الأشكال كمالاً" ولأن "العقل يقشعر رعباً" من الفرض القائل بأن الحركات السماوية ليست متماثلة. (والصواب في التفكير محال ما لم يكن هناك صواب في سلوك موضوعات التفكير).
ويلاحظ كوبرنيق نسبية الحركة:"كل تغير يرى في الوضع مرجعه الحركة سواء حركة المشاهد أو حركة الشيء الذي يشاهده، أو مرجعه التغيرات الطارئة على وضع الاثنين بشرط أن يكونا مختلفين. لأنه إذا حركت الأشياء بنسبة متساوية إلى نفس الأشياء، لم تلحظ أية حركة بين الشيء المرئي وبين المشاهد"(٤٦). إذن فدوران الكواكب اليومي الظاهري حول الأرض يمكن تعليله بدوران الأرض يومياً حول محورها، وحركة الشمس السنوية الظاهرية حول الأرض يمكن تعليلها إذا افترضنا أن الأرض تدور سنوياً حول الشمس.
ويتوقع كوبرنيق الاعتراضات على نظريته. فقد زعم بطليموس أن السحب والأجسام الموجودة على سطح أرض دائرة تتطاير بعيداً عنها وتترك وراءها. ويرد كوبرنيق بأن هذا الاعتراض أحرى أن يعترض به على دوران الكواكب الكبرى حول الأرض، لأن مسافاتها الشاسعة تعني أن لها أجراماً هائلة وسرعات عظيمة. كذلك زعم بطليموس أن الجسم المدفوع مباشرة إلى أعلى من أرض دائرة لا يعود في سقوطه إلى نقطته الأصلية. ويرد كوبرنيق بأن هذه الأجسام، شأنها شأن السحب، هي "أجزاء من الأرض" وأنها تحمل معها في سيرها. أما الاعتراض بأن دوران الأرض سنوياً حول الشمس لو صح "لتجلي في تحرك النجوم "الثابتة" (وهي النجوم الواقعة وراء مجموعتنا الكوكبية) كما تشاهد في طرفين