طبيب عظيم أنكر وجود الله، وكان هذا رأيه الذي ثبت عليه مذ كان في العشرين، وقد عمر إلى ما بعد الثمانين، واحتفظ بضلالته هذه سراً طوال هذه السنين (٩٥) ". وفي عام ١٥٥٢نشر جيوم بوستل كتابه Contra atheos ولكن كلمة atheist ( أي الملحد) قل أن مينز القوم بينها وبين القاتل بمذهب الألوهية، أو القائل بوحدة الوجود، أو الشكاك.
على أنه وجد من الشكاكين عدد يكفي لنيل صفعة من لوثر، فقد روى أنه قال "إن مواد قانون الإيمان أسمى من أن يدركها أبناء هذا العالم العميان. فوحدة الأقانيم الثلاثة في إله واحد، وتجسد ابن الله الحق، ووجود طبيعتين للمسيح هما لاهوته وناسوته، إلخ ..... كل هذا يؤذيهم لأنهم يرون فيه حديث خرافة". ثم أضاف إن بعضهم يتشككون في أن الله خلق أناساً عرف من قبل أنهم هالكون (٩٦). وكان في فرنسا بعض المتشككين في الخلود (٩٧). من ذلك أن بونافنتور دسبرييه سخر في كتابه Cymbalum mundi، (١٥٣٧) بالمعجزات، وبتناقضات الكتاب المقدس، وباضطهاد أصحاب البدع الدينية. وقد ندد كالفن والسوربون بكتابه هذا، فأحرقه جلاد الدولة. واضطرت مارجريت إلى إقصائه عن بلاطها في نيراك، ولكنها بعثت إليه بالملل لتحفظ عليه حياته في ليون. وفي عام ١٥٤٤ قتل نفسه، وترك مخطوطاته لمارجريت "دعامة كل صلاح وحاميته"(٩٨).
وظهرت روح الشك في ميدان السياسة متخذة صورة هجمات على حق الملوك الإلهي وحصانتهم، وكان الشكاك هنا عادة إما من المفكرين البروتستنت الذين ضايقهم الحكام الكاثوليك، وإما من المفكرين الكاثوليك الذين يدفعون الثمن غالياً إذا انتصرت الدولة.