وما لبثت قاعة محاضراته أن ازدحمت بالطلاب. فلما تولى هنري الثاني العرش بعد فرانسوا الأول ألغى الحكم الصادر على راموس وتركه "حر اللسان والقلم"، وبعد عام في كرسي بالكلية حيث يعفى من أشراف الجامعة.
أما وقد بلغ راموس قصاراه إذ غدا أشهر معلم في باريس، فإنه خصص الكثير من وقته وجهده لإصلاح الطرق التربوية. وإذا كان قد اتكأ على "البلاغة"- وكانت آنئذ تعني الأدب- فلم يكن هذا لتنشيط الفلسفة بالشعر فحسب، بل لبث إنسانية نابضة بالحياة في مناهج صيرتها التجريدات والقواعد الكلامية جافة عسيرة. وفي خمس مقالات عن النحو طبق المنطق على اللغة، ورجا أن يصبح الهجاء الفرنسي صوتياً، ولكن هذا الهجاء واصل سيره المترنح، على أنه نجح في أن يدخل في الأبجدية الفرنسية حرفي j و v ليحلا محل الحرفين الساكنين I و u. ثم شجع تقرير المنح الدراسية لفقراء الطلبة، ذاكراً كفاحه وهو مملق في سبيل التعليم، وندد بالرسوم الباهظة التي تقاضاها الجامعات عن التخرج، وناضل في الوقت نفسه لرفع رواتب المدرسين.
وفي عام ١٥٥٥ نشر كتابه Dialectique، وهو أول كتاب في المنطق بالفرنسية. وكان يحاج الآن لا عن الإقناع بالجدل والمنطق فحسب، بل دفاعاً عن العقل. كان بفطرته عدواً للنزعة التقليدية ولمجرد الاستشهاد بالثقاة، وقد رأى في العقل المرجح الوحيد الذي يحتكم إليه، وآمن في حماسة رجال النهضة أن العقل سيبلغ بالعلوم جميعها مرتبة تقرب من الكمال في قرن واحد له أطلق له العنان (١٠٥). كتب يقول:"كان شغلي الشاغل أن أزيح من طريق الآداب الحرة … كل العقبات والمعوقات الفكرية، وأن أعبد هذا الطريق وأقومه، لا تيسيراً للتفكير فحسب، بل لممارسة الآداب الحرة واستخدامها (١٠٦) ".