وبدأت المذبحة يوم ٢٤. وفي اليوم السادس والعشرين اقتحم رجلان مسلحان كلية بريسل وصعدا إلى الطابق الخامس حيث مكتب راموس. ووجداه يصلي فرماه أحدهما برصاصة في رأسه، وطعنه الآخر بسلاحه، ثم قذفه الاثنان معاً من النافذة. وجر الطلبة أو الرعاع الجسد الذي ما زال ينبض بالحياة إلى نهر السين وألقوه فيه، وأخرجه نفر آخر منهم وقطعوه إرباً (١٠٨). أما من الذي استأجر القتلة فعلمه عند الله، ويبدو أنها ليست الحكومة، فالظاهر أن شارل التاسع وكاترين ظلا راضيين عن راموس إلى النهاية (١٠٩). واغتبط شاربنتييه بالمذبحة وبقتل خصمه:"هذه الشمس الساطعة التي أضاءت فرنسا خلال شهر أغسطس … لقد زال الهراء بزوال صاحبه. وكل الناس الطيبين يفيضون بشراً (١١٠) ". وبعد عامين مات شاربنتييه نفسه، بتأنيب الضمير كما يقول بعضهم، ولكن ربما كان هذا شرفاً لا يستحقه.
لقد بدا راموس مهزوماً سواء في الحياة أو التأثير. فأعداؤه انتصروا عليه، ومع أن بعض "الراموسيين" سمعت أصواتهم في الجيل التالي في فرنسا وهولندة وألمانيا، فإن الفلسفة الكلامية التي حاربها استعادت تفوقها، ونكست الفلسفة الفرنسية رأسها حتى جاء ديكارت. ولكن إذا كانت الفلسفة لم تحرز في هذه الحقبة إلا كسباً ضئيلاً، فإن الخطوات التي خطاها العلم كانت خطيرة؛ لقد بدأ العلم الحديث بكوبرنيق وفيساليوس. وتضاعفت المساحة المعروفة من الدنيا، وتغير منظر العالم كما لم يتغير قط من قبل في التاريخ المدون. وأخذت المعرفة تنمو سريعاً من حيث المجال والانتشار، وراح استعمال اللغات الوطنية في العلم والفلسفة- على نحو ما فعل باريه وباراسيلسوس في الطب، وراموس في الفلسفة- يتسع فيشمل تعليم الطبقات الوسطى وأفكارها التي اقتصرت من قبل على المتخصصين من العلماء والقساوسة. وتحطمت "كعكة التقاليد"، وانكسر قالب العقيدة، وتهاوت قبضة الاستناد إلى السلف. وحل الإيمان من مراسيه فتدفق بحرية جديدة متخذة أشكالاً لا حصر لها.