كسبتهن الواحدة بعد الأخرى، وما لبث النظام الجديد الأكثر صرامة أن حل شيئاً فشيئاً محل التراخي القديم. ومن هذا الانتصار تقدمت تريزا لإنشاء دير جديد في إشبيلية.
وصمم الرهبان الطريقة التي تراخى نظامها على وقف امتداد الإصلاح. فهرَّب بعضهم عميلة تنكرت في زي راهبة حافية إلى دير إشبيلية. وما لبث هذه المرأة أن أعلنت على الملأ في أسبانيا أن تريزا تجلد راهباتها وتتلقى الاعترافات كأنها كاهن. وطلب إلى محكمة التفتيش التحقيق معها ثانية. ودعيت للمثول أمام المحكم الرهيبة، واستمتعت المحكمة إلى شهادتها وأصدرت هذا الحكم "لقد برئت من كل التهم … فاذهبي وواصلي عملك (٢٥) ". ولكن أعدائها كسبوا سفيراً بابوياً إلى صفوفهم. فندد بتريزا "امرأة عاصية متمردة، تنشر التعاليم المؤذية تحت قناع التقوى، تركت ديرها مخالفة بذلك أوامر رؤسائها؛ امرأة طماعة، تعلم اللاهوت كأنها من فقهاء الكنيسة، محتقرة بذلك القديس بولس الذي منع النساء من أن يعلّمن". ثم أمرها أن تعتكف حبيسة في دير للراهبات بطليطلة (١٥٧٥).
وحارت تريزا إلى من تلجأ في هذا التغير الجديد، فكتبت إلى الملك. وكان فيليب الثاني قد قرأ "حياتها". وأحب الكتاب. فأرسل مبعوثاً خاصاً من بلاطه يدعوها لمقابلة الملك، واستمع إليها، واقتنع بورعها. وسحب السفير البابوي أمره السابق بفرض القيود على تريزا بعد أن وبخه الملك، وأعلن أنه زود بمعلومات كاذبة.
وفي وسط أسفارها وشدائدها كتبت كتيبات تعبدية صوفية شهيرة مثل "طريق الكمال ١٥٦٧" و "الحصن الداخلي ١٥٧٧". وقد كشفت في هذا الكتيب عن عودة آلامها الجسدية فقالت "يخيل إلي أن أنهاراً مفعمة بالمياه تتدافع داخل رأسي فوق منحدر سحيق، ثم أعود فاسمع الطيور في غنائها وصفيرها بعد أن طغى عليها ضجيج المياه. وأنا أرهق ذهني وأزيد صداعي"(٢٦)، وعاودتها النوبات القلبية، وكان عسيراً