الإجرامي، ولكنه في جملته جدير بالصفح عنه. كان عادة ألطف الناس وأكثرهم عطفاً، عليه رزق نصف شعراء روما، ومع ذلك فقد لاحق مهرطقي بريشة حتى الموت، وحاول أن يؤمن بأن الأفكار الممزقة للكنيسة يمكن أن تنتزع من البشر بحرق أصحابها. وقد أظهر من الحلم مع لوثر قصارى ما ننتظر من بابا ومن عضو في أسرة مديتشثي، ولنتصور أن الوضع انعكس، وكيف كان البابا مارتن يمحق المتمرد ليو محقاً! لقد حسب ليو حركة الإصلاح البروتستنتي نزاعاً غير مهذب بين رهبان أجلاف. ومع ذلك ففي بواكير عام ١٥١٧، وفي بدايته رياسته البابوية، ألقى جيانفرانشسكو بيكو ديللا ميراندولا (ابن أخي بيكو الأشهر منه) أمام البابا والكرادلة خطاباً يسترعي الاهتمام "يرسم فيه بأحلك الألوان ذلك الفساد الذي تسلل إلى الكنيسة" ويتنبأ بأنه "لو أن ليو … أبى إبراء الجراح، فإنه يخشى أن الله نفسه لن يستعمل بعد اليوم علاجاً بطيئاً، بل سيبتر ويبيد الأعضاء المريضة بالنار والسيف"(١). ولكن ليو انصرف على الرغم من هذا الإنذار إلى الاحتفاظ بتوازن للقوى بين فرنسا والإمبراطورية حماية للولايات البابوية. يقول مؤرخ كاثوليكي:"لم يفكر قط في إصلاح على النطاق الواسع الذي أصبح ضرورياً … وظلت الإدارة البابوية في روما دنيوية شأنها في أي وقت مضى (٢) ".
وخير برهان على أنه لم يعد سبيل للإصلاح إلا أن يأتي بضربة من الخارج هو إخفاق أدريان السادس (١٥٢٢ - ٢٣). ذلك أنه سلم بهذه المفاسد واضطلع بإصلاحها في القمة، ولكن أهل روسا سخروا منه وسبوه لأنه يهدد مواردهم من ذهب الأقطار الواقعة وراء الألب. وبعد عامين من النضال ضد هذه الأنانية الجاهلة مات أدريان قهراً.
بيد أن العاصفة المتجمعة تفجرت على رأس كلمنت السابع (١٥٢٣ - ٣٤). لقد كان من خيرة البابوات فكراً وخلقاً، رحيماً كريماً، دافع عن اليهود المطاردين، ولم يشارك في الانحلال الجنسي أو المالي المحيط به،