إذ أنكر أنه كان على البابا سيادة على غيره من الأساقفة في الكنيسة الأولى (٤٧). على أن هذا التمرد الأسقفي أطفأته البراعة البرلمانية التي أبداها مندوبو البابا، وولاء الأساقفة الإيطاليين والبولنديين للبابا، وبعض المجاملات البابوية التي وجهت في الوقت المناسب إلى كردينال اللورين. وانتهى الأمر بتوسيع سلطة البابا لا بالحد منها، واشترط على أسقف أن يقسم يمين الطاعة الكاملة للبابا. وأمكن تهدئة فرديناند بوعده أن البابا سيسمح في ختام المجمع بأن يعطي القربان بالخبز والخمر كليهما.
أما وقد فرغ المجمع من أهم نزاع واجهه، فقد انتهى بسرعة من أعماله الباقية. فحرم زواج الأكليروس، وقرر توقيع عقوبات صارمة على تسري القساوسة. وشرع الكثير من الإصلاحات الصغيرة للنهوض بأخلاق رجال الأكليروس ونظامهم. وقرر إنشاء كليات لاهوتية يدرب فيها الراغبون في القسوسية على عادات التقشف والتقوى. أما سلطات الإدارة البابوية فقد اختزلت. ووضعت قواعد لإصلاح الموسيقى والفن الكنسيين، وتقرر تغطية صور العرايا بما يكفي لمنع إثارتها للخيال الحسي. ووضع الفارق بين عبادة الصور وعبادة الأشخاص الذين تمثلهم الصور، وتأييد استعمال الصور الدينية بالمعنى الثاني. أما المطهر والغفرانات والتوسل إلى القديسين فقد دوفع عنها وأعيد تعريفها. وهنا اعترف المجمع في صراحة بالمفاسد التي انبعثت عن شررها نار التمرد اللوثري، وقد نص أحد القرارات على ما يأتي: -
"إن المجمع يقرر بصدد منح الغفرانات … إنه يجب القضاء كلية على كل كسب إجرامي متصل بها، باعتباره مصدراً لفساد محزن بين الشعب المسيحي؛ أما عن غير ذلك من ضروب الخلل والفوضى الناجمة عن الخرافة أو الجهل أو الاستهانة بالمقدسات أو أي سبب كائناً ما كان-فيما أن هذه كلها لا يمكن القضاء عليها بالتحريمات الخاصة نظراً إلى