للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التفكير، وأبقت على ملاهي حاشيتها، وتظاهرت أحياناً، تظاهراً جريئاً بالمرح، ولكن اعتلت صحتها ومات قلبها. ولم تعد إنجلترا تحبها، حيث أحست بأنها عمرت أكثر مما ينبغي لها، وأنه يجدر بها أن تخلي الطريق لملكية فتية. وثار آخر البرلمانات في عهدها ثورة اتسمت بعنف أكثر من ذي قبل، ضد انتهاكها لحرية البرلمان واضطهادها للبيوريتانية، وطلباتها المتزايدة للاعتمادات، وإغداقها احتكارات التجارة على ذوي الحظوة لديها. ودهش الجميع حين استسلمت الملكة في آخر لحظة، ووعدت بوضع حد لهذا الخلل. وذهب كل أعضاء مجلس العموم ليقدموا لها الشكر، وجثوا بين يديها حين وجهت إليهم الخطاب. وكان آخر خطاب لها (٢٠ نوفمبر ١٦٠١)، وهو "خطابها الذهبي" الحزين، وقالت:

ليس ثمة جوهرة، ارتفعت قيمتها بشكل لم يسبق له مثيل من قبل، أوثرها على حبكم … إن تقديري له ليفوق تقديري لأي كنز .... ولقد رفعنا الله إلى أعلى عليين، ولكني أحسب أن عظمة عرشي هي حكمت بفضل حبكم لي (١٢٢).

وطلبت إليهم أن ينهضوا ثم استطردت في الحديث قائلة:

لأن يكون الإنسان ملكاً ويلبس التاج شيء سار لمن يراه، أكثر مما هو سار لمن يحمله .... ومن ناحيتي أنا، إذا لم يكن إرضاء لضميري أن أنهض بالواجب الذي فرضه الله علي، وأن أحافظ على "مجده" وأوفر لكم الأمن والسلامة، لوددت، استجابة لطبيعتي، أن أترك هذا المكان لغيري، وسعدت بالتحرر من هذه العظمة التي تقتضي جهوداً مضنية، لأني لست راغبة في أن أحيا أو أحكم أطول من عمري، وسيكون الحكم من أجل خيركم. وعلى الرغم من انه قد حكمكم من قبل، ولسوف يحكمكم من بعد، ملوك أقوى وأعقل مني، من فوق هذا العرش، فإنكم لم تشهدوا، ولن تشهدوا من هو أعظم حباً لكم مني (١٢٣).

وكانت إليزابث تؤجل ما وسعها الجهد موضوع وراثة العرش، فما دامت ماري ملكة إسكتلندة باقية على قيد الحياة، وريثة شرعية لعرش إنجلترا، فان