للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى تمس الأرض، والأكمام منتفخة، والقفازات مطرزة معطرة. وكانت السيدة تستطيع في الصيف أن تتحدث بالمروحة المزدانة بالجواهر، ومن ثم تأتي بأفكار فيها من الرقة ما لا تعبر عنه الكلمات.

ولكن الحياة في البيت نادراً ما كانت بملابس كاملة. وكان تناول الإفطار في الساعة السابعة والغذاء في الحادية عشرة أو الثانية عشرة، والعشاء في الخامسة أو السادسة. وهكذا ينقضي النهار. وكانت الوجبة الرئيسية يتناولونها قرب الظهر، وكانت وجبة زاخرة بألوان الطعام. وقال أحد الفرنسيين "إن الإنجليز يملئون بطونهم (٤٩) ". وظلت الأصابع تقوم مقام الشوكة التي بدأ استعمالها في عهد جيمس الأول. وكانت الأطباق الفضية تزين البيوت الموسرة. وكان اختزانها بالفعل وقاء ضد التضخم. أما الطبقات الوسطى الدنيا فإنها استخدمت أواني من القصدير (البيوتر)، واستخدم الفقراء أطباقاً من الخشب وملاعق من مادة قرنية (من القرون). وكان اللحم والسمك والخبز هي الأطعمة الرئيسية، وكان كل من يداوم عليها تقريباً يعاني من داء النقرس. وكانت منتجات الألبان شائعة مألوفة في الريف لأن وسائل التبريد كانت لا تزال غير متوفرة في المدن. وكان الفقراء فقط يستخدمون الخضراوات بكثرة لأنهم كانوا يزرعونها في أراضي حدائقهم. وكان البطاطس الذي جاء به والتر رالي أثناء رحلاته في أمريكا، من إنتاج الحدائق، لأنه لم يكن قد أصبح من محاصيل الحقول. واشتهر الإنجليز "بالبودنج" (نوع من الحلوى) يستطيبون أكله فوق الفاكهة التي يختمون بها طعامهم. وكان الإنجليز يقبلون على الحلوى، قدر إقبالهم عليها اليوم، ولهذا كانت أسنان إليزابث سوداء.

وتطلبت هذه الأكلات الشهية بعض السوائل المزلقة: الجعة، البيرة، النبيذ أو عصير الفاكهة. ولم يكن الشاي والقهوة قد أصبحتا مشروبات إنجليزية. وشاع شرب الويسكي في أنحاء أوربا في القرنين السادس عشر والسابع عشر (وكان يسمى ماء الحياة). وكان تقطيره من الحبوب في الشمال، ومن النبيذ في الجنوب. وكان شرب الخمر بمثابة احتجاج على المناخ الرطب. وتحي عبارة "ثمل كأنه لورد" بأن هذا العلاج كان يتمشى مع السلم الاجتماعي. وأدخل التبغ إلى إنجلترا على يد