للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والآن يسير شكسبير من نصر إلى نصر في عالم المسرح، في كل عام تقريباً. ففي ٧ يونيه ١٥٩٤ أعدم ردريجو لوبيز، طبيب الملكة اليهودي، بتهمة قبول رشوة ليدس السم للملكة. ولم يكن الدليل قاطعاً، وترددت إليزابث طويلاً في التصديق على حكم الإعدام، ولكن العامة في لندن أخذوا جريمته قضية مسلماً بها. واستعرت روح العداء للسامية في الحانات (١١). ويمكن أن يكون شكسبير قد تأثر إلى حد أن يضرب على هذا الوتر الحساس، أو أنه كلف بذلك، فكتب "تاجر البندقية" (١٥٩٦؟)، وشارك إلى حد ما مستمعيه في مشاعرهم، فأجاز أن يمثل شيلوك في شخصية هزلية في ثياب رثة مع أنف عريض مصطنع، ونافس مارلو في إبراز كراهية مقرض النقود وجشعه، ولكنه أضفى على شيلوك بعض الصفات المحببة التي لا بد أنها جعلت الحمقى يحزنون، ثم أنه أورد على لسانه عرضاً للقضية من أجل اليهود، بلغ من الوضوح والجرأة حداً جعل كبار النقاد لا يزالون يجادلون فيما إذا كان شيلوك قد صور مفترى عليه أكثر منه آثماً مذنباً (١٢)؟ وهنا، فوق كل شيء، أظهر شكسبير براعته في أن يؤلف صورة متناسقة الأجزاء من خيوط مختلفة من قصص جاءت من الشرق ومن إيطاليا، كما جعل جسيكا المرتدة متلقية مثل هذا الشعر العاطفي الرومانتيكي، كما لا يمكن أن تتصوره إلا روح ذات حساسية عالية.

وانصرف شكسبير طيلة أعوام خمسة إلى الملهاة بصفة أساسية. وربما أدرك أن الجنس البشري المنهوك يختص بأسخى جوائزه أولئك الذين يستطيعون إلهاءه بالضحك والخيال. إن رواية "حلم منتصف ليلة صيف" هراء قوي عوض عنه مندلسون. ولم نقذ هيلينا رواية " Allls Well That Ends Well". أما رواية "أسمع جعجعة ولا أرى طحناً" فهي تتفق مع اسمها. ورواية "الليلة الثانية عشرة" محتملة فقط لأن فيولا تمثل فتى وسيم جداً. ورواية "ترويض النمرة" زاخرة بمرح صاخب بشكل لا يصدق، ومن المستحيل ترويض النساء ذوات الألسنة السليطة.