المطبوعة. وفي جلسات الكنيسة وفي المجامع الإقليمية وفي الجمعية العامة، حظي الأكليروس الجديد بقوة تنافس تلك القوة التي كانت هيئة الكنيسة الكاثوليكية قد استخدمتها ضدهم ببراعة. ولما كانوا يزعمون أنهم يتلقون الوحي من عند الله، ومن ثم فإنهم معصومون من الخطأ في ناحية العقيدة أو في الناحية الأخلاقية، فإنهم فرضوا على السلوك العام والخاص رقابة أقسى بكثير منها على عهد حراس أو حماة المذهب القديم المتراخين. وفي كثير من المدن فرضوا غرامات على الاسكتلنديين الذين لم يحضروا الصلوات البروتستانتية، وفرضوا توبة علنية، وفي بعض الأحيان عقوبات بدنية، على ما يضبط من خطايا (٣). وروعوا بانتشار الفجور والزنى ففوضوا رؤساء الكنائس، في أن يتنبهوا بتشديد خاص إلى أية انحرافات جنسية، وأن يبعثوا بتقارير عنها إلى المجامع الكنسية البروتستانتية عند انعقادها، وصعقوا بالفحوش والفجور في المسرح الإنجليزي فسعوا إلى تحريم التمثيل المسرحي في إسكتلندة، فلما عجزوا عن ذلك، حظروا على أتباعهم أن يشهدوه، وفعلوا ما فعله أسلافهم من اعتبار الهرطقة جريمة عقوبتها الإعدام. وتعقبوا السحرة في حماسة بالغة وأقروا إعدامهم حرقاً (٤). وأقنعوا البرلمان بأن يصدر قانوناً يفرض عقوبة الإعدام على أي قسيس يقرأ القداس ثلاث مرات، ولكن هذا المرسوم لم يطبق على أية حال، وعندما ترامت إليهم أنباء مذبحة سانت برثلميو، دعت الكنيسة الاسكتلندية البروتستانتية إلى تدبير مذبحة مماثلة للكاثوليك في إسكتلندة، ولكن الحكومة أغفلت هذا النداء (٥).
وباستثناء ادعاء نزول الوحي على القساوسة وعصمتهم من الخطأ، كانت الكنيسة الوطنية الاسكتلندية (البروتستانتية) أكثر النظم ديمقراطية في عصرها. وكان قسيسو الدوائر أو الأقسام يختارون رؤساء الكنائس شريطة موافقة شعب الكنيسة، وكان جمهور المؤمنين يشهدون الجلسات والمجامع والجمعية العامة. وأهاجت وأغضبت هذه الإجراءات الديمقراطية البرلمان الأرستقراطي والملك الممسوح بالزيت. ولما كان جيمس يفكر ويجادل-وربما يعتقد ويؤمن-في أنه يحكم بمقتضى الحق الإلهي، فإنه شكا من أن "جماعة من القساوسة الملتهبين حماسة وغيرة