ولو أنه مات، حتى ١٨٤٠، ولا زال يظهر على لوحة معلنة على جدران كنيسة وستمنستر. وكان الزوج الأول لأمه قسيساً. وكان زوجها الثاني بناء بالأجر. وكانت الأسرة فقيرة معدمة. وكان على بن أن يشق طريقه إلى التعليم بصعوبة بالغة. وما كانت إلا الشفقة التي ملأت قلب صديق بصير لتزوده بالمال ليلتحق بمدرسة وستمنستر، وساق. هـ حظه إلى الوقوع تحت إشراف "وكيلها" المؤرخ العالم الأثري وليم كامدن، وانصرف إلى الدراسات القديمة، مع عداء أقل من العادي، وأحب شيرون وسنكا، وليفي وتاسيتس، وكونتليان، وزعم بعد ذلك، واضح أنه على حق- " أنه يعرف من اليونانية واللاتينية أكثر من شعراء إنجلترا جميعهم (٣٨) " على أن "مرحه" السريع الاهتياج والإثارة، وعالم لندن الخشن العنيف بلا حدود، هما اللذان حالا دون أن يدمر تعليمه فنه.
وبعد تخرجه في وستمنستر التحق بكمبردج حيث "بقي- كما يقول أول مؤرخ لحياته- أسابيع قليلة، لحاجته إلى مورد رزق آخر (٣٩) "، وأراد له زوج أمه أن يكون صبي بناء، وقد نتخيل بن جونسون وهو يتصبب عرقاً ويضطرب لمدة سبع سنين دأباً، وهو يرص الطوب ويفكر في الشعر. ثم فجأة خرج إلى الحرب، وانساق في تيارها، واندفع إليها بنشاط وحيوية أكثر منه إلى صناعة البناء. وخدم في الأراضي الوطيئة، وبارز جندياً من الأعداء، فصرعه، وسلبه ما معه، وعاد إلى الوطن يروي قصصاً مفصلة. وتزوج وأنجب أطفالاً، وارى منهم التراب ثلاثة أو أكثر. ووقع الشجار بينه وبين زوجته فهجرها لمدة خمس سنوات، ثم عاد وعاش معاً عيشة ينقصها الوفاق والانسجام حتى ماتت. ولا تعرف كليو نفسها كيف كان بن جونسون- زوجها- يدبر معاش الأسرة.
ويكون السر أعمق حين نعلم أنه أصبح ممثلاً (١٥٩٧)، ولكن تفجرت منه أفكار مشرقة وأشعار لبقة. واهتز فرحاً حين دعاه توم للمشاركة في رواية "جزيرة الكلاب" ولا شك في أنه حمل نصيبه من المسئولية في "المادة المثيرة للفتنة والتي تتضمن قذفاً وتشويهاً للسمعة "التي وجدها مجلس الشورى في الرواية. وأمر المجلس بوقف التمثيل وإغلاق المسرح والقبض على المؤلفين. أما ناش الذي كان خبيراً عتيقاً