لمن يسمونه (فياسا) وهي كلمة معناها "المنظم"(٢٢) فقد كتبها مائة شاعر، وصاغها ألف منشد، ثم جاء البراهمة في عهد ملوك جوبتا (حوالي ٤٠٠ م) فصبوا أفكارهم الدينية والخلقية في هذا المؤلف الذي بدأ على أيدي أفراد من طبقة الكشاترية؛ وبهذا خلعوا على القصيدة تلك الصورة الجبارة التي نراها عليها اليوم.
لم يكن موضوع القصيدة الأساسي مقصوداً به الإرشاد الديني بمعنى الكلمة الدقيق، لأنها تقص قصة عنف ومقامرة وحروب، فيقدم الجزء الأول من القصيدة "شاكونتالا" الجميلة (التي أريد لها أن تكون بطلة في أشهر مسرحية هندية) وابنها القوي (بهارفا)؛ الذي من أصلابه جاءت قبائل (بهاراتا العظيم)(أي الماهابهاراتا) وقبائل كورو وباندافا التي تتألف من حروبها الدموية سلسلة الحكاية ولو أنه كثيراً ما تخرج الحكاية عن موضوعها لتعرج على موضوعات أخرى؛ فالملك "يوذسشيرا" - ملك البندافيين - يقامر بثروته حتى تضيع كلها، ثم بجيشه وبمملكته وبإخوته وأخيراً بزوجته "دراوبادي" وكان في هذه المقامرة يلاعب عدواً له من قبيلة كورو، كان يلعب بزهرات مغشوشة، وتم الاتفاق على أن يسترد الباندافيون مملكتهم بعد اثني عشر عاماً يتحملون فيها النفي من أرض وطنهم وتمضي الاثنا عشر عاماً، ويطالب الباندافيون أعداءهم الكوريين برد أرضهم، لكن لا جواب، فتعلن الحرب بين الفريقين ويضيف كل فريق إلى نفسه حلفاء حتى تشتبك الهند الشمالية كلها تقريباً في القتال (١) وتظل الحرب ناشبة ثمانية عشر يوماً، وتملأ من الملحمة خمسة أجزاء، وفيها يلاقي الكوريون جميعا مناياهم، كما يقتل معظم الباندافيين فالبطل (بهشما) وحده يقتل مائة ألف رجل في عشرة أيام، ويروي لنا الشاعر الإحصائي أن عدد من سقط في القتال قد بلغ عدة مئات من ملايين الرجال (٢٣)؛ وتسمع "جانذاري"-
(١) تدل إشارات في الفيدا إلى بعض شخصيات الماهابهاراتا، على أن حربا حقيقية عنيفة بين القبائل وقعت في الألف الثاني من السنين قبل الميلاد.