بنينوى، وانتقلت عبر مصر وجنوب فلسطين، وإيران وكلديا واليونان وقرطاجة، وانتهت برومة الإمبراطورية. ولم يحرص رالي على الوصول إلى الأزمنة الحديثة "لأن من يتوخى الصدق كل الصدق في كتابة التاريخ، قد لا ينجو من الأذى" وتحسن أسلوبه بمتابعة الكتابة، حتى بلغ مرتبة عالية في وصف معركة سلاميس، وبلغ الذروة في المناجاة الختامية "للموت البليغ العادل الجبار (٦٨) ".
ولكن رالي لم يرتض الهزيمة ولم يقنع بها، ففي ١٦١٦، بعد أن جمع ١٦٠٠ جنيه، رشا دوق بكنجهام ليتوسط له لدى الملك (٦٩)، ووعده، في حال إطلاق سراحه، بالإبحار إلى أمريكا الجنوبية، ليكشف عن ما ظن أنه مناجم الذهب الغنية في جويانا، ويعود بالغنائم الملكية للخزانة الظمأى. فأفرج عنه جيمس إفراجاً مؤقتاً مشروطاً، ووافق على أن يحتفظ رالي وشركاءه بأربعة أخماس أية كنوز قد يستولي عليها من "الوثنين المتوحشين" ولكن الملك الحذر البعيد النظر أبقى حكم الإعدام نافذ المفعول إغراء بحسن السلوك. وأشار السفير الأسباني كونت جوندومار إلى أن هناك في جويانا جاليات أسبانية، ورجا ألا يضاروا أو يعكر صفوهم. فما كان من جيمس الحريص على السلام، وعلى المصاهرة مع أسبانيا، إلا أن حظر على رالي-تحت طائلة تنفيذ حكم الإعدام-التدخل في شئون أية جاليات مسيحية في أي مكان والأسبانية منها بوجه خاص (٧٠)، ووافق رالي كتابة على هذه التحذيرات (٧١)، واستمر جوندومار يعترضن ويحتج، فما كان من جيمس إلا أن أقسم على تنفيذ حكم الإعدام إذا خالف رالي تعليماته (٧٢).
وجهز رالي بمعونة أصدقائه، أربع عشر سفينة أبحر بها في ١٧ مارس ١٦١٧ إلى مصب نهر الأورينوكو. ولكن مستوطنة سانتا توماس الأسبانية اعترضت الطريق عبر النهر إلى المناجم المزعومة، وتلك مسألة أسطورية تماماً. ونزل رجال رالي إلى البر- وبقي هو على ظهر السفينة- وهاجموا القرية وأحرقوها وقتلوا حاكمها. وفترت همة القوة المنهوكة بما لقيت من مقاومة أسبانيا بعد ذلك، وتخلت عن ضالتها المنشودة في الذهب؛ وعادت صفر اليدين إلى السفن.