الزلفى والملق، يعرض نفه على الملك على أنه صالح لتقلد المناصب وأهل لها وأما كان ابن حامل أختام الملك، وابن أخ لآل سيسل أو من أبناء عمومتهم أوخؤولتهم، فإنه أحس بأن طول انتظاره للوظيفة الحكومية يعكس شيئاً من روح العداء من جانب الوزراء المتربعين على كراسي الحكم، وربما كانت انتهازيته المتبرمة، نتيجة، وفي نفس الوقت سبباً في تأخر تعيينه في أحد المناصب. كان قد خدم بالفعل في البرلمان لمدة تسعة عشر عاماً، ودافع فيها عادة عن الحكومة، واشتهر بسعة الإطلاع، والفكر البناء، والعبارة الواضحة الأخاذة. وكان يرسل بين الحين والحين. إلى الملك "مذكرات" تفيض بالآراء السديدة في كيفية النهوض بالتفاهم المتبادل والتعاون بين مجلس العموم واللوردات، وتوحيد برلماني إنجلترا وإسكتلندة، وإنهاء الاضطهاد الديني للمخالفين، وتهدئة أيرلندة باستمالة الكاثوليك فيها، وإعطاء الكاثوليك في إنجلترا مزيداً من الحرية دون فتح الباب للمزاعم البابوية، وإيجاد وسيلة للتوفيق بين الأنجليكانيين والبيوريتانيين. وقرر مؤرخ درس الشئون السياسية في تلك الحقبة دراسة مستفيضة-قرر "أن تنفيذ هذا البرنامج لم يكن يعني ألا تغيير كل مساوئ النصف الثاني من هذا القرن (٢٥) ". وطرح جيمس هذه الاقتراحات جانباً على أنها غير عملية في ظروف التفكير السائدة. واكتفى بضم بيكون إلى طبقة الفرسان الثلاثمائة الذين وزعهم ١٦٠٣، وتذرع بيكون بالصبر وظل يمني نفسه.
وعلى الرغم من كل شيء، فان براعته بوصفه محامياً لم توفر له الغنى والثراء إلا في شيء من البطء. وفي ١٦٠٧ قدرت ثروته بنحو ٢٤. ١٥٥ جنيه (٢٦). وفي ضيعته التي زودها بكل ألوان الترف، في جور هامبري، كما هيأ لها نخبة من العاملين المرتفعي الأجور والسكرتيرين اليقظتين مثل توماس هوبز، نقول أنه في هذه الضيعة استطاع أن ينعم بالجمال والراحة اللتين أحبهما في حكمة أكثر مما ينبغي، ورعى صحته بالعمل في الحديقة التي بنى في وسطها ركناً فاخراً يأوي إليه ليخلو إلى نفسه ويتفرغ إلى الدرس والبحث، فكتب كما يكتب الفلاسفة وعاش كما يعيش الأمراء،