وضمت عزيزها درْيوذان، ضمته قريباً من صدرها
وإذ هي تضم جثمانه الهامد اهتز صدرها بنهنهة البكاء
وانهمرت دموعها كأنها مطر الصيف، فغسلت به رأس النبيل
الذي لم يزل مزدانا بأكاليله، لم يزل تكلله أزاهير المشكا ناصعة حمراء
"لقد قال لي ابني العزيز درْيوذان حين ذهب إلى القتال، قال:
"أماه ادْعي لي بالغبطة وبالنصر إذا ما اعتليت عجلة المعمعة"
فأجبت: عزيزي درْيوذان: "اللهم - يا بني - اصرف عنه الأذى ألا إن النصر آت دائماً في ذيل الفضيلة"
ثم انصرف بقلبه كله إلى المعركة، ومحا بشجاعته كلَّ خطاياه
وهو الآن يسكن أقطار السماء حيث ينتصر المحارب الأمين
ولست الآن أبكي دريوذان، فقد حارب أميراً ومات أميراً
إنما أبكي زوجي الذي هده الحزن، فمن يدري ماذا هو ملاقيه من نكبات؟
"اسمع الصيحة الكريهة يبعثها أبناء آوي، وأنظر كيف يرقب الذئاب الفريسة -
وأرادت العذارى الفاتنات بما لهن من غِناء وجمال أن يحرسنه في رقدته،
اسمع هاتيك العقبان البغيضة المخضبة مناقيرها بالدماء، تصفق بأجنحتها على أجسام الموتى -
والعذارى يلوحن بمراوح الريش حول درْيوذان في مخدعه الملكي
انظر إلى أرملة درْيوذان النبيلة، الأم الفخورة بابنها الباسل لاكشمان
إنها في جلال الملكة شباباً وجمالاً، كأنها قُدّتْ من ذهب خالص
انتزعوها من أحضان زوجها الحلوة، ومن ذراعي ابنها يطوقانها
كتب عليها أن تقضي حياتها كاسفة حزينة، رغم شبابها وفتنتها