للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأصبح "الدوق الكبي فرديناند الأول"، فأتاح بذلك لتوسكانيا طوال اثنين وعشرين عاما (١٥٨٧ - ١٦٠٩) عهدا من العدل والاستنارة، ووسع تجارتها إذ جعل ليفورنو (ليجهورن) ثغراَ حراً مفتوحاً لكل التجار من كل الأديان، وأصلح بالقدوة الفاضلة أخلاق شعبه. أما خلفاه كوزيمو الثاني وفرديناند الثاني لهما فضل إعالة جاليلو بالمال. ونقش بارتولوميو أماناتي نافورة نبتون الكبرى لميدان "السنيوريا"بفلورنسةن وصمم قصر دوكالي بلوكا. وفي عام ١٥٨٣ اكمل جوفاني دابولونيا "اغتصاب السابين"، وهو التمثال القائم في "لوجا (قاعة) دي لانزي"، وصب تمثال هنري الرابع الذي اهداه كوزيمو الثاني إلى ماري مديتشي ليزين "اليون نوف" في باريس. وواصل اليساندو أللوري وابنه كريستوفانو التقليد الذي درج عليه التصوير الفلورنسي من خيال جامح في التلوين، في شئ من التخفيف، واشرف بيترو داكوتونا على الكمال في رسومه الجصية التي زين بها سقوف قصر بيتي ليصور مناقب الدوق كوزيمو الأول.

وأما بارما فقد كان يحطمها في هذه الفترة دوق مشهور يدعى اليساندرو فارنيزي، ولكن بلغ انشغاله بقيادة الجيوش الاسبانية في الاراضي المنخفضة حدا لم يتح له أن يتربع على عرشه قط. وفي عهد ابنه رانوتشو ذاع صيت جامعة بارما في أرجاء أوربا، وبنى أليوتي (١٦١٨) مسرح فارنيزي الذي اتسع لسبعة آلاف متفرج في مدرج نصف دائري لا يضارعه في إيطاليا سوى المسرح الاولمبي الذي بناه استاذه باللاديو.

واما مانتوا فقد دخلت عهدا من الرخاء اعاد إلى الأذهان ذكرى أيام ايزابللا ديستي المجيدة. فبفضل صناعة النسيج أقبل الناس على شراء القماش المانتوي، حتى في إنجلترا وفرنسا المنافستين. وظل ببيت جونزاجو الذي حكم هذه الدوقية منذ عام ١٣٢٨ ينجب الأكفاء من الرجال. ففي الدوق فنشتزو الاول تمثلت من جديد فضائل امرأة النهضة: رجل حلو الصورة لطيف المعشر، يرعى روبنز المحظوظ وتاسو التعس على