ومن موكب الحرب الذي لا يكاد ينقطع بين بني الإنسان. لقد كانت خطة الدراسة في جملتها توفيقاً ماهراً بين العصور الوسطى والنهضة. ففي قدرة بالغة على التكيف، رحب اليسوعيون بمولد الدراما من جديد، فترجموا والفوا ومثلوا المسرحيات، واكتشفوا في المسرحيات المدرسية وسيلة حية لتعليم الكلام والبلاغة، وتقدموا عصرهم في إدارة المسرح ومشاهده. واستعانوا بالمناظرات شحذا للذكاء وقوة الحجة، ولكنهم ثبطوا أصالة الفكر في المعلم والطالب على السواء. ولقد كان هدفهم فيما يبدو إعداد صفوة متعلمة ولكنها محافظة، قادرة على القيادة الذكية العملية ولكنها بنجوة من متاعب الشكوك العقائدية، راسخة في الإيمان الكاثوليكي لا تحدي عنه قيد أنملة.
وكانت المدارس اليسوعية في جميع الحالات تقريباً بإنشائها ومنح الهبات لها السلطات الزمنية أو زعماء الكنيسة أو الأفراد الميسورون، ولكن اليسوعيين احتفظوا بالهيمنة الكاملة عليها. ومع أن بعض كلياتهم أنشئ خصيصاً لأبناء الأشراف. فإن كلها تقريباً كان مفتوحاً، دون رسوم تعليم، لاي طالب مؤهل فقيراً كان أو غنياً (٣٨). أما المدرسون الذين كانوا عادة من رجال الطائفة فأفضل إعداداً من نظرائهم البروتستنت؛ أوفياء لمهنتهم لا يتقاضون عنها أجراً، يتيح لهم ثوب الكهنوت وتأثيره سلطاناً محترماً مكنهم من حفظ النظام دون اللجوء إلى التخويف أو العقاب البدني. وقد أرسل كثيرون من البروتستنت أبناءهم إلى الكليات اليسوعية (٣٩) لكي ييسروا لهم، فضلا عن الإلمام السليم بالدراسات الكلاسيكية، تدريباً رفيعاً على الفضيلة وآداب السلوك وقوة الخلق. يقول فرانسس بيكون «أما الجانب التربوي فاقصر قاعدة أن يقال لك استشر مدارس اليسوعيين، لأنه لم يجرب ما هو خير منها»(٤٠). وفي عام ١٦١٥ كان لليسوعيين ٣٧٢ كلية، وفي عام ١٧٠٠ كان لهم ٧٦٩، وأربع وعشرون جامعة منبثة في أرجاء العالم. وفي الدول الكاثوليكية كاد التعليم