اليسوعيين الذي خلف أكوافيفا، فقد نبه أفراد الطريقة إلى أن حرصهم على جمع المال يثير اللوم عليهم من جمع الناس (٤٤). وأما القساوسة البروتستنت في إنجلترا، الملتزمون بعقيدة الحق الإلهي لملوكهم في الحكم، فقد صدمتهم آراء اليسوعيين في سيادة الشعب وقتل الملوك أحيانا. وندد روبرت فيلمر برأي الكردينال بللارميني القائل بأن «السلطة الزمنية أو المدنية .. كائنة في الشعب، إلا إذا خلعها على ملك»(٤٥). أما البروتستنت الألمان فحاربوا اليسوعيين زاعمين أنهم «مخلوقات من الشيطان تقيأتهم جهنم» وطالب بعضهم بحرقهم كما تحرق الساحرات (٤٦). وفي عام ١٦١٢ ظهر في بولندة كتاب «التعليمات السرية»، وهو يوهم قارئه بأنه تعليمات سرية لليسوعيين في فن الظفر بالتركات والوصول إلى السلطات السياسية. وأعيد طبع الكتاب اثنتين وعشرين مرة قبل علم ١٧٠٠. وكان يصدق إلى وقتنا هذا تقريبا، ولكن أغلب الرأي فيه الآن أنه أما هجاء ذكي أو تزوير وقح (٤٧).
ب- في الأقطار غير المسيحية
كان الرأي عند الجماهير الكاثوليكية أن أخطاء اليسوعيين لها ما يرجحها كثيرا من فضائل في التعليم وجرأة في التبشير. صحيح أن طرقا دينية أخرى شاركت في هذه المغامرة التقية، مغامرة نشر الدين، ولكن أين هذا من جرأة اليسوعيين وإقدامهم واستشهادهم في الهند والصين واليابان والأمريكتين؟ ففي الهند مثلا دعا السلطان المغولي المستنير أكبر بعض اليسوعيين إلى بلاطه في فاتحبور سكري (١٥٧٩)، واستمع إليهم في حب استطلاع وتعاطف، ولكنه أبى أن يطرد حريمه. وأنضم شريف إيطالي يدعى روبرتودي نوبيلي إلى جماعة اليسوعيين، وذهب إلى الهند مبشرا (١٦٠٥)، وهناك درس العقائد والطقوس الهندية، واتخذ لباس البراهمة واتبع نظامهم، وألف الكتب بالسنسكريتية،