للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في "أخيل" و "هيلانة" و "يوليسيز" و "بنلوب"؛ ويستطيع الهندي أن يحتج في حق قائلاً إن الأجنبي لا يمكنه قط أن يحكم على هاتين الملحمتين، بل لا يمكنه قط أن يفهمهما؛ فهما للهندي ليستا مجرد قصتين بل هما في رأيه بهو من أبهاء الصور، يشاهد فيه أشخاصاً مثاليين يمكنه أن ينسج في سلوكه على غرارهم، هما مستودع تستقر فيه التقاليد، كما تستقر فلسفة أمته ولاهوتها، فهما- بوجه من الوجوه- كتب مقدسة يقرأها الهندي على نحو ما يقرأ المسيحي "محاكاة المسيح" أو "تراجم القديسين"؛ إذ يعتقد الهندي الورع أن "كرِشْنا" و "راما" صورتان مجسدتان للألوهية، ولا يزال يتوجه إليهما بالصلاة،؛ وهو حين يقرأ أخبارهما في هاتين الملحمتين، يشعر بأنه يستمد من قراءته سمواً دينياً، كما يستمد متعة أدبية وارتفاعاً خلقياً؛ وهو يؤمن أن قراءته "لرامايانا" يطهره من أوزاره جميعاً ويجعله ينجب ولداً (٤٥)، كما أنه يقبل النتيجة المزهوَّة التي تنتهي إليها "الماهابهاراتا" قبول الإيمان الساذج، وهي:

"إذا قرأ المرء "الماهابهاراتا" وآمن بتعاليمها، تطهر من كل خطاياه، وصعد إلى السماء بعد موته … فالبراهمة بالقياس إلى سائر الناس، والزبد بالقياس إلى سائر ألوان الطعام … والمحيط بالقياس إلى بركة الماء، والبقرة بالقياس إلى سائر ذوات الأربع- كل ذلك يصور "الماهابهاراتا" بالقياس إلى سائر كتب التاريخ … إن من يصغي في انتباه إلى أشعار "الماهابهاراتا" المزدوجة الأبيات ويؤمن بما فيها، يتمتع بحياة طويلة وسمعة طيبة في هذه الحياة الدنيا، كما يتمتع في الآخرة بمقام أبدي في السماء" (٤٦).