ليكون منصفاً، فقال «سأشعر بالحب الصادق للرجل الذي يصحح أخطائي بكل صرامة وقسوة (٦٧)»، وتكفل إسحاق كازوبن بهذه المهمة، ولكنه اقلع عنها بعد أن كتب مقدمة ناقصة في ثمانمائة صفحة من القطع الكبير.
وأما المسرح فقد زكا، ولكن الدراما اضمحلت. فقل من التمثيليات الباقية الذكر ما ألف، ولكن كثر ما أخرج منها، وأخرج بسخاء في المناظر وبراعة في التمثيل جعلت اينيجو جونز يعجب ويتعلم. واشتد الطلب على الممثلين الإيطاليين في القارة طولا وعرضا. وبينما كانت أدوار النساء يقوم بها الغلمان في المسرح الإنجليزي، كانت النساء يؤدينها في إيطاليا. كان الناس يعبدون الممثلات؛ وقد كتب تاسو سونيتة لأيزابللا أندريني، التي لم تكن ممثلة جميلة فحسب، بل شاعرة لا بأس بها وزوجة فاضلة كذلك.
وتطالعنا في هذا العصر تمثيليتان ممتازتان؛ من جهة لأنهما أرستا لوناً جديداً على المسرح-وهو الدراما الرعوية. وقد أعطاها تاسو دفعة بتمثيليته «أمينتا»(١٥٧٣)، أما جوفاني باتيستا جواريني فقد أخرج مثلها الكلاسيكي في درامته «الباستور فيدو»(الراعي الوفي)(١٥٨٥). قال تاسو «إذا لم يكن قرأ أمينتا فهو لم يبزها (٦٨)» وقد وبخه الكردينال بللارميني لما في التمثيلية من إباحية، وقال أنها ألحقت بالعالم المسيحي من الضرر فوق ما ألحقته كل هرطقات لوثر وكلفن؛ على أن البحث الدءوب لم يعثر على منظر أكثر وقاحة من منظر كورسيكا الجميلة وهي تقدم «تفاحتي» صدرها لسيلفيو الذي لا يقدرهما، وهو صياد «يفرح بحيوان واحد يصيده … أكثر من فرحته بكل حوريات البحر (٦٩)» وإذا أستثنينا سيلفيو هذا وجدنا في المسرحية - ككل شعر هذه الفترة الإيطالي تقريباً - حرارة في الحس تصهر الحياة كلها في الحب. وتتجلى الحركة في ضرب من «الأركاديا» الرعوية، في ذلك «العصر الذهبي الجميل، حين كان اللين غذاء الناس الأوحد»، فلا رذيلة، ولا حزن يلوث الإنسان، أما