مخطوطات أوراق النخيل التي كشف عنها حديثاً في التركستان الصينية، وبينها ثلاث مسرحيات، تذكر إحداها أن اسم مؤلفها هو "أشفاغوشا" العالم اللاهوتي في بلاط "كانِشْكا"؛ لكن القالب الفني لهذه المسرحية، والشبه الذي بين شخصية "المضحك" فيها وبين النمط الذي عرفناه لمثل هذه الشخصيات في المسرح الهندي على مر العصور، قد يدلان على أن المسرحية كانت قائمة بالفعل في الهند قبل مولد "أشفاغوشا"(٤٧)، وحدث في سنة ١٩١٠ م أن وجدت في "ترافانكور" ثلاث عشرة مسرحية سنسكريتية، تُنسَبْ في شئ من الشك إلى "بهازا"(حوالي سنة ٣٥٠ م) وهو في الأدب المسرحي سلفٌ ظفر بكثير من التكريم من "كاليداسا" ففي مقدمة روايته "مالافيكا" توضيح جيد لنسبية الزمن والصفات، أثبته (أي كاليداسا) في تلك المقدمة عن غير وعي منه، فتراه يسأل: هل يليق بنا أن نهمل مؤلفات رجال مشهورين مثل "بهازا" و "ساوميلا" و "كافيبوترا"؟ هل يمكن للنظارة أن يحسُّوا بأقل احترام لما ينشئه شاعر حديث يسمى كاليداسا؟ " (٤٨).
وإلى عهد قريب كانت أقدم مسرحية هندية معروفة للباحثين العلميين هي "عربة الطين"، وفي النص- الذي ليس تصديقه حتماً علينا- ذكر لاسم مؤلفها، وهو رجل مغمور يعرف باسم "الملك شودراكا" يوصف بأنه خبير بكتب الفيدا وبالرياضة وترويض الفيلة وفن الحب (٤٩) ومهما يكن من أمر فقد كان خبيراً بالمسرح، ومسرحيته هذه أمتع ما جاءنا من الهند، وليس في ذلك سبيل إلى الشك- فهي مزيج- يدل على براعة- من الغناء والفكاهة، وفيها فقرات رائعة لها ما للشعر من حرارة وخصائص.
ولعل خلاصة موجزة لحوادثها أنفع في توضيح مميزات المسرحية الهندية من مجلد بأسره يكتب في شرحها والتعليق عليها؛ ففي الفصل الأول نلتقي بـ "شارو- داتا" الذي كان ذات يوم من الأغنياء، ثم أصابه الفقر لجوده