كاكورتونا. وبروح الكفايات المتعددة التي أثرت على فناني النهضة صمم بييترو قصري باربريني وبامفيلي بروما، ورسم في قصر بيتي بفلورنسة صوراً جصية تزخر بالأشكال الغريبة في كل غزارة الباروك وتدفقه.
أما القطب الحقيقي للتصوير الروماني في هذا العهد فهو ميكل أنجيلو مريزي دا كارافادجو. كان رجلا فيه روح تشلليني، وقد ولد لبناء بالحجر في لومبارديا، ودرس في ميلان، وانتقل إلى روما واستمتع بعدة مشاجرات، وقتل صديقاً في مبارزة، ثم هرب من السجن، وفر إلى مالطة وقطانيا وسيراقبوز، ومات بضربة شمس على أحد شواطئ صقليو وهو في الرابعة والأربعين (١٦٠٩)، وفي الفترات التي تخللت هذه المغامرات أحدث ما يشبه الثورة في مزاج التصوير الإيطالي واسلوبه. وقد أحب التناقضات العنيفة بين الضوء والظل، واستخدم حيلا كإضاءة المنظر من مدفأة مخفاة، وشكل صوره بالضوء، وأخرجها من خلفية معتمة، وبدأ في إيطاليا عهد «الفن المعتم» الذي تزعمه جويرتشينو؛ وريبيرا، وسلفاتور روزا. وإذ احتقر عاطفية الرسامين البولونيين المثالية، فقد روع العصر بواقعيته التي أشرفت على الوحشية. كان إذا تناول موضوعاً دينياً يجعل الرسل والقديسين يبدون وكأنهم عمال ضخام غلاظ نقلهم من عمال أرصفة الموانئ. وقد أكسبته لوحة «لاعبي الورق»(المحفوظة بمجموعة روتشيلد بباريس) شهرة دولية. أما لوحة «الموسيقيين» - وهم ثلاثة من المغنيين وعواد جميل-فقد تراكم عليها التراب ثلاثة قرون قبل أن يعثر عليها في متجر للتحف القديمة بشمالي إنجلترا حوالي ١٩٣٥، وبيعت لجراح بمبلغ مائة جنيه، ثم اشتراها متحف المتروبوليتان بنيويورك (١٩٥٢) بخمسين ألف دولار. وقد درجت الكنيسة على رفض صور كارافادجو الدينية باعتبارها مسرفة في الابتذال مفتقرة إلى السمو، أما اليوم فهي مشتهى كل ذواقة الفن. وقد بلغ إعجاب روبنز بلوحة هذا الإيطالي المسماة «مادونا ديل روزاريو» مبلغاً حمله على جمع ١. ٨٠٠ جولدن من فناني أنتورب ليشتريها