للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يدخلون على المسرح حيوانات حية فتزيد من حركة المسرحية نشاطاً (٥١) وتبث روحاً فيما هو صناعي بما هو طبيعي فترة من الزمن؛ ويبدأ التمثيل بمقدمة يناقش فيها أحد الممثلين أو مدير المسرح موضوع الرواية، والظاهر أن "جيته" أخذ عن "كاليداسا" فكرة المقدمة لرواية "فاوست"؛ ثم تخدم المقدمة بتقديم أول شخصية من الممثلين، فيأتي هذا ويخوض في قلب الموضوع؛ والمصادفات لا عدد لها، وكثيراً ما ترسم العوامل الخارقة للطبيعة خط السير للحوادث؛ ولا تخلو مسرحية من قصة غرامية، كما لابد لها من "مضحك"؛ وليس في الأدب المسرحي الهندي مأساة، إذ لا مندوحة لهم عن اختتام الحوادث بخاتمة سعيدة؛ وحتم في المسرحية أن ينتصر الحب الوفيّ دائماً، وأن تكافأ الفضيلة دائماً، وأقل ما يدعوهم إلى فعل ذلك أن يجئ بمثابة الموازنة مع الواقع؛ وتخلو المسرحية الهندية من المناقشات الفلسفية التي كثيراً جداً ما تعترض مجرى الشعر الهندي؛ فالمسرحية مثل الحياة، لا بد أن تعلّم بالفعل وحده، وألا تلجأ أبداً في ذلك إلى مجرد الكلام (١)، ويتعاقب في سياق المسرحية الشعر الغنائي والنثر، حسب جلال الموضوع والشخصية والفعل؛ والسنسكريتية هي لغة الحديث لأفراد الطبقات العالية في الرواية، والبراكريتية هي لغة النساء والطبقات الدنيا؛ والفقرات الوصفية في تلك المسرحيات بارعة، وأما تصوير الشخصيات فضعيف؛ والممثلون- وفيهم نساء- يجيدون أداء التمثيل، فلا هم يتسرعون كما هي الحال في الغرب، ولا هم يسرفون في البطء كما يفعل أهل الشرق الأقصى؛ وتنتهي الرواية بخاتمة يتوجّه فيها بالدعاء إلى الإله المحبب عند المؤلف أو عند أهل الإقليم المحلي، ليهيئ أسباب السعادة للبلاد.


(١) يقول الناقد المسرحي الهندي العظيم "ذانا مجايا" (حوالي ١٠٠٠ م) "تحيتنا إلى الرجل الساذج ذي الذكاء المحدود الذي يقول إن المسرحيات- التي تبعث الغبطة في النفوس- فائدتها الوحيدة هي اكتساب المعرفة؛ لأنه بهذا القول قد أشاح بوجهه عما يبعث البهجة في النفس".