أن يحقق حلما يضمره، وهو أن يكون رجل أعمال لا أقوال فحسب. على أن صحة كالديرون تداعت بعد اشتغاله بالحرب سنتين، فتقاعد بمعاش حربي. ووجهه الحزن على فقد الأقرباء وجهة الدين، فأصبح عضوا علمانيا في طائفة الفرانسسكان، ثم رسم قسيساً (١٦٥١)، وظل عشر سنوات يخدم ابرشية في طليطلة وهو يواصل الكتابة للمسرح بين الحين والحين. وبعد أن نال كل ما تمنحه هذه لدنيا من مظاهر التشريف، مات في الحادية والثمانين وهو وطيد الأمل في أن ينال المئوية على تأليفه مئات «الفصول المقدسة» واكتفائه بخليلة واحدة دون سواها.
ومسرحياته الدينية أجمل ما كتب في بابها، ففيها وجدت قدرته العاطفية سندا من تقواه الصادقة. وقد حظيت مسرحياته الدنيوية زمنا طويلا بشهرة دولية أوسع من مسرحيات لوبي، لأنها تضارعها شعرا وتفوقها فكرا. وكان يعوزه بعض ما وهب لوبي من حيوية وتنويع هائلين، ولكنه هو أيضا كتب هذا اللون من مسرحيات «العباءة والسيف» بحيوية ومهارة. ولا يستطيع ايفاءه حقه الكامل من التقدير سوى خبير باللسان القشتالي، ولكننا نسجل هنا أن شاعرين من شعراء الإنجليز شعراً بعبقريته وناضلاً لابتعاثها من بوتقتها اللغوية. وأولهما شلي الذي ترجم بتصرف اجزاء من «الساحر الرهيب»، وكان متفقاً مع شليجل في رأيه في كالديرون، والثاني ادوارد فتزجير الذي حاول في كتابه «ست مسرحيات لكالديرون»(١٨٥٣) أن يفعل للمسرحي الأسباني-دون أن يوافق-ما فعله بعد ست سنوات لعمر الخيام بتوفيق كبير.
و «الساحر الرهيب» صورة محورة لاسطورة فاوست. هنا نرى فقيها شهيرا من فقهاء انطاكية يدعى كبريان يقطع مبارزة بين اثنين من تلاميذه يشتهي كلاهما خوستينا, ويحملهما على أن يغمدا سيفيهما بعد أن يوافق على الذهاب إليها للتحقق من أيهما تختار. ويمضي إليهما، ولكنه يقع في غرامها لأول نظرة. أما هي فتطرده في ازدراء، ثم تحن إليه، وأما