عام ١٥٨٥ بناء كاتدرائية "الصعود" الصارمة، على نطاق مفرط في السعة حتى انها ما زالت بغير أثاث. وفوق تل يشرف على سيجوفيا بدأ قرنان من المعماريين والحرفيين عام ١٥٢٢ الكاتدرائية الضخمة التي ترمز في كبرياء إلى ورع أسبانيا العارم الذي لا يتزعزع، وفي سلامنكا صمم خوان جوميت دي مورا، "السيميناريو كونثيليار" الضخم لليسوعيين بالطراز الدوري البالاديوي مضافا إليه القبة.
ولكن حتى أسبانيا كانت تتجه إلى فن دنيوي، وكانت القصور كما كانت الكنائس تتطلب الفن. ففي أرانخويث بني فليب الثاني (١٥٧٥) مصيفاً يلوذ بحدائقه اللطيفة الجو من قيظ الاسكوريال ووقاره. وأضاف فليب الثالث قصر الباردو منتجعاً له ولأصحابه، وبهو السفراء المحلى بالزخارف في هذا القصر مشهور بما حوى من ثريات. أما فليب الرابع وأوليفاريس فكادا يسبقان فرساي ببناء حديقة لهو عند بوابة مدريد الشرقية تدعى "بوين ريتيرو"(المنتجع الطيب)(١٦٣١ - ٣٣). وفي مسرحها الملكي مثلت مسرحيات كثيرة للوبي وكالديرون. وشيدت في هذه الفترة قاعات مدن فخمة بليون واستورجا، وصمم الجريكو قاعة منها بطليطلة.
أما النحت فكاد يكون كله كنسيا في الشكل والمزاج. لقد عدل الطراز القوطي بفعل التأثير الإيطالي والزخرف الباروكي. ولكن التمثال النصفي الذي لقي اقبالا شديدا في إيطاليا أعرض عنه الناس في أسبانيا بتحريم يرقب من تحريم المسلمين للتماثيل. وساهم المصورون- حتى أساطينهم من أمثال ثورباران وموريللو- بفنهم ليجعلوا النحت يقر في نفوس العابدين الواقعية التي صوروها في تماثيل المسيح المصلوب والقديسين المستشهدين. وكانت كل التماثيل تقريبا من الخشب المتعدد الألوان. وفي راي السير وليم ستيرلنج- ماكسويل، العلامة الاسكتلندي الذي ولع بالفن الأسباني وأرخ له بحولياته، أن خوان دي خوني "افضل المثالين الأسبان"(١)