وأرسلت الملكة خلال ذلك الأوامر لدوق جيز بوقف المذبحة لشعورها بشيء من الندم أو الخوف. وكان الجواب أن الأوان فات، أما وقد مات كوليني. فلا بد من قتل الهيجوت وإلا فهم لا محالة ثائرون. وخضعت كاترين وأمرت بقرع ناقوس الخطر. وتلت ذلك مذبحة ندر أن عرفتها المدن حتى في جنون الحرب، واغتبطت الجماهير باطلاق دوافعها المكبوتة لتضرب وتوجع وتقتل. فاقتنصت وذبحت من الهيجونوت وغيرهم عدداً يتفاوت بين الألفين وخمسة الآلاف، واستطاع من بيتوا نية القتل من قبل أن يقتلوا الآن خصومهم وهم آمنون من العقاب؛ واغتنم الأزواج المعذبون أو الطامعون والزوجات الفرصة ليتخلصوا من زوجاتهم وأزواجهن غير المرغوب فيهم، وذبح التجار منافسيهم، ودل الورثة المنتظرون على أقربائهم الذين طال ترقبهم لموتهم واتهموهم بأنهم هيجونوت (٧٣). وقتل راموس الفيلسوف بتحريض أستاذ حسود. واقتحم كل بيت اشتبه في إيوائه الهيجونوت وفتش. وجر الهيجونوت وأبناؤهم إلى الشوارع وذبحوا ذبح الأنعام وانتزعت الأجنة من بطون أمهاتهم القتيلات وهشموا (٧٤). وما لبثت الجثث أن تناثرت على أرصفة الشوارع، وأخذ الصبية يلعبون ألعابهم فوقها. ودخل حرس الملك السويسريون المعمعة وراحوا يذبحون في غير تمييز للذة الذبح الخالصة. وقتل رجال مقنعون الدوق دلاروشفوكو الذي لعب التنس مع الملك بالأمس، وقد حسبهم جاءوا يدعونه إلى حفلة ملكية. ودعي النبلاء والضباط الهيجونوت الذين انزلوا قصر اللوفر باعتبارهم حاشية ملك نافار إلى الفناء وضربوا بالنار واحداً بعد الآخر عند وصولهم. أما هنري فكان قد خرج ليلعب التنس بعد أن استيقظ في الفجر. وأرسل شارل في طلبه هو وكونديه وخيرهما بين "القداس او الموت " واختار كونديه الموت ولكن الملكة أنقذته. أما نافار فوعد بالامتثال فأبقى عليه. وأما عروسه