وكان ينتقل بيسر أعظم من غرام إلى غرام-فأحب تجنوتفبيل الصغيرة، والآنسة مونتاجو، وأرنودين، ولاجارس (البغي)، وكترين دلوك، وآن دكاميفور. لقد كان يطرح العقائد والخليلات دون أن يعذب ضميره أو يغير هدفه.
فأما هدفه فهو أن يتربع على عرش فرنسا. فلما ناهز التاسعة عشرة، أصبح ملكاً على نافار بعد أن مات ابوه، ولكن هذا لم يكن سوى لقمة أثارت شهيته للملكية دون أن تشبعها، وذهب إلى باريس ليزف إلى مارجريت فالوا، فاستقبل استقبال وريث العرش لا يسبقه في خط الوراثة غير دوق أنجو ودوق النسون. وعندما وقعت المذبحة عقب زواجه، تمالك جأشه وأنقذ رأسه بالارتداد المؤقت عن مذهبه.
وأما عروسه «مارجو» فكانت أعظم نساء فرنسا فتنة وألينهن عريكة. فجمالها لا يرقى إليه شك، وقد تغنى به رونسار، ورتل برونتوم قصائد الغزل المشبوب في بشرتها الطرية الناعمة، وشعرها المتموج أو باروكاتها المتنوعة، وعينيها اللتين ترشقان المرح أو الغضب أو الشيطنة، وقوامها الممشوق كقوام محظية من محظيات القصور، المهيب كقوام ملكة، وقدميها الرشيقتين تقودان رقصات البلاط، وفيض حيويتها في جيل كله صراع وكآبة، كل هذه المفاتن اجتذبت العدد الوفير من العشاق إلى مخدعها، واتهمتها الشائعات بالاستسلام اللبق للغرام بل ولعشق المحارم (١) ولم يكن في وسع هنري أن يشكو وهو ذو العين الزائغة بين الحسان، ولكن حين استأنفت مارجو ذبذباتها-وكانت تزوجته على غير إرادتها-بعد انحناءة قصيرة منه لزواج المرأة الوحيدة، بدأ يتساءل من ترى سيكون أباً لأطفاله. واتخذ له خليلة، ثم مرض، فلم تدخر جهداً في تمريضه، وإن عزت علته إلى «إفراطه مع النساء» ولكن سرعان ما باعدت بينهما الشكوك المتبادلة حتى لقد كتبت تقول «لم نعد ننام معاً، ولا يكلم أحدنا الآخر (٢)».