للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أي لغة حية، أن تخلف أخيراً اللاتينية كما خلفت اللاتينية اليونانية لو أتيح لها من العناية أكثر مما تلقى إلى اليوم؛ وإن وظيفة أعضاء الأكاديمية ينبغي أن تكون تنقية اللغة من الشوائب التي شابتها سواء في أفواه الناس أو في حشود المحاكم … أو بفعل عادات رجال الحاشية الجهلة» (١٢٣).

وعهد إلى أحد الأعضاء الثلاثين الأول، ويدعى كلود فوجلا، بتصنيف قاموس، وكان لابد أن ينقضي ستة وخمسون عاماً قبل أن ينشر لأول مرة (١٦٩٤). ورفعت الأكاديمية أثناء ذلك مكانة الأدباء بشكل ملحوظ، فأصبح انتماء إنسان إلى «الخالدين» الأربعين (عددهم عام ١٦٣٧) شرفاً يضارع شرف المناصب الحكومية العليا؛ ولم تكرم أمة الأدب كما كرمته فرنسا. صحيح أن الأكاديمية، واكثر أعضائها شيوخ، كثيراً ما كانت كابحاً محافظاً يعطل التطورات الأدبية أو النمو الدنيوي. وكانت بين الحين والحين توصد أبوابها في وجه العبقرية (موليير وروسو)؛ ولكنها رفعت رأسها فوق الأحزاب، وعلمت أعضائها أن يتسامحوا بأدب مع مختلف الأفكار؛ وقد كافأتها فرنسا باستقرار ثبت لصدمات التغير في الوقت الذي تهاوي فيه الكثير.

بعد أن جمع ريشليو الشعراء والأدباء وسيج من حولهم، نظر بعينه اليقظة إلى الصحفيين. ففي مايو ١٦٣١ بدأ تيوفراست رينودو، بمعونة من الكردينال، نشر أول صحيفة فرنسية سميت فيما بعد «غازيتة فرنسا». وكانت تظهر أسبوعياً في هيئة فرخ يطوي ثماني صفحات، وتنشر من الأنباء الرسمية ما يسمح به ريشليو أو يمدها به، وأضافت بعض صفحات من «الأخبار العادية». وكان لويس الثالث عشر من كتابها المألوفين. ورد فيها على ناقدي الحكومة ودافع عن نفيه أمه، وكان أحياناً يأخذ الفقرات التي يكتبها بشخصه ليشرف على صف حروفها، ولا عجب فالمرء -حتى إذا كان ملكاً-يستهويه أن يجد كلامه مطبوعاً. وكانت الصحافة الفرنسية منذ بدايتها أداة دعاية- وفي هذه الحالة وسيلة لشرح سياسات