الأضرحة وجردوا الجثث من حليها، وشربوا النبيذ المقدس، وأحرقوا كتب القداس الثمينة، ووطئوا بأقدامهم التحف الفنية. وأرسلوا في طلب السلام والجبال، فتسلقوا وجذبوا التماثيل من أماكنها وهشموها بالمطارق الثقيلة، وأخترق الجمع أنتروب وهم يهتفون منتصرين، وحطموا الصور والزخارف في ثلاثين كنيسة وديراً، وأحرقوا مكتبات الرهبان، وأخرجوا الرهبان والراهبات من الأديار (١٩) ولما ترامت أنباء هذه "الضراوة الكلفنية" إلى تورني انطلقت نشوة تحطيم الصور المقدسة من عقالها هناك، وأعمال السلب والنهب في كل الكنائس. وفي الفلاندرز وحدها جردت ٤٠٠ كنيسة من الصور. وفي كولمبرج أشرف الكونت المبتهج المرح على أعمال التخريب وأطعم ببغاواته على القرابين المقدسة (٢٠). وفي جهات أخرى قام بعض الكهنة السابقين بتحميص رقائق الخبز على شوكات (٢١). ومن الفلاندرز أمتد الهياج إلى المقاطعات الشمالية، وإلى امستردام وليدن ودلفت وأوترخت، ثم جروننجن وفريزلند. واستنكر معظم زعماء البروتستانت أعمال التخريب هذه، ولكن بعضهم ممن رأوا أن الأفراد لم يلحق بهم أيسر الأذى والضرر. ذهبوا إلى تحطيم التماثيل والصور أقل إجراماً من إحراق الأحياء "الهراطقة".
وخارت قوى مرجريت بارما أمام العاصفة. فكتبت إلى فيليب تقول "أن أي شيء وكل شيء مختل في هذا البلد عدا العقيدة الكاثوليكية"(٢٢). وبات فيليب يتحين الفرصة للانتقام. ولكن مرجريت التي تواجه الجماهير المسلحة والزعماء المغامرين أحست بأنها مرغمة على بعض التنازلات. فوقعت في ٢٣ أغسطس، مع ممثلي المتسولين، اتفاقاً تباح بمقتضاه العبادة الكلفنية في الأماكن التي كانت تمارس فيها بالفعل، بشرط عدم التعرض للطقوس الكاثوليكية، وألا يحمل البروتستانت سلاحاً خرج بيوتهم. ووافق ممثلو المتحالفين على حل "عصبتهم" إذا أوفت الحكومة بهذا الاتفاق. وتوقف الاضطهاد وساد السلام لبعض الوقت.