كانت هذه التصاوير يوماً متلألئة بالأحمر والأخضر والأزرق والأرجواني؛ ولم يبق اليوم من هذه الألوان شيء ما عدا الأجزاء ذات الألوان الخافتة أو القاتمة؛ وإن بعض الصور التي أفسدها الزمن والجهل ليبدو غليظاً خشناً في أعيننا، نحن الذين لا يستطيعون قراءة الأساطير البوذية بقلوب بوذية، وبعضها الآخر فيه قوة ورشاقة في آن معاً، تنبئان عن مهارة الصناع الذين ضاعت أسماؤهم قبل أن تفنى آثارهم بزمن طويل.
وعلى الرغم من كل هذه النائبات، لا يزال كهف رقم (١) غنياً بآياته الفنية فهاهنا ترى على أحد الجدران (ما يرجح أن يكون) صورة "بوذيساتاوا"، أي قديس بوذي يستحق النرفانا، لكنه آثر على النرفانا التي هو جدير بها أن يعاد إلى الحياة في ولادات جديدة لكي يصلح الناس؛ ولن تجد صورة تصور حزن التفكير البصير أعمق مما تصوره هذه الصورة (٢٢)، وإن الإنسان لتأخذه الحيرة أي الصورتين ألطف وأعمق - هذه الصورة أو صورة ليوناردو التي رسمها يدرس بها موضوعاً شبيهاً بموضوع هذه الصورة، وهو رأس المسيح (١) وعلى جدار آخر من نفس المعبد صوره لـ "شيفا" وزوجته "بارفاتي" وقد ازَّينت بالحليّ (٢٣)، وعلى مقربة منها صورة لأربعة غزلان، أشاع فيها الحساسية الرقيقة ذلك العطف البوذيُّ على الحيوان؛ وعلى السقف زخرف لا يزال ناصع الألوان بما فيه من زهور وطيور دقيقة الرسم (٢٤) وعلى أحد جدران الكهف رقم (١٧) تصوير رشيق - قد تلف الآن بعض التلف - للإله فشنو مصحوباً بحاشيته، وهو هابط من السماء إلى الأرض ليتعهد شيئاً ما مما وقع في حياة بوذا (٢٥)؛ وعلى جدار آخر صورة تخطيطية، لكنها زاهية الألوان، لأميرة مع وصيفتها (٢٦)؛ وترى مختلطاً بهذه الآيات الفنية حشداً متداخلاً من التصاوير الجدارية يظهر فيها ضعف الصناعة وفيها وصف لنشأة بوذا وفراره وإغرائه (٢٧).
(١) وهي بين تخطيطاته الابتدائية لصورة (العشاء الأخير).