تضر بالصحة (١٣٧)". ولم يكن رجل الدنيا المثقف أو المهذب مثل روبنز. وقرأ قليلاً: ولم يكد يقرأ شيئاً سوى الكتاب المقدس، وعاش في مملكة اللون والظل والضوء التي لا تنبس ببنت شفق. وهي متنوعة مثل دنيا الأدب ولكنها غريبة عنها فريدة. وكان من الصعب عليه أن يقوم بالواجبات الاجتماعية إذا قدم عليه من يجلسون أمامه ليرسمهم، أو أن يتبادل معهم أحاديث قصيرة بقصد تسليتهم والاحتفاظ بسكوتهم وهدوئهم. وقل المترددون عليه حين وجدوا أن رمبرانت مثل معظم أسلافه، لم يكن يرضى أن يرسم له مرسماً تخطيطياً في جلسة أو جلستين، ثم يكمل الصورة من هذا الرسم التخطيطي، بل آثر أن يرسم على القماش، الأمر الذي يتطلب جلسات كثيرة، هذا فوق أنه كان له طريقة انطباعية في أن يرسم ما يفكر فيه أو يحس به، لا مجرد ما يرى، ولم تكن النتيجة دائماً مرضية.
ولم يكن عوناً له أن تقع داره في حي اليهود. وكان قد عقد منذ ذاك الوقت صداقات مع كثير منهم. وكان قد نقش صورة لمنسة بن إسرائيل (١٦٣٦). والآن في ١٦٤٧ حفر على الخشب الوجه الداكن للطبيب اليهودي أفرايم يونس. ولما كان الفنان محاطاً من كل جانب تقريباً، وواضح أنه أحبهم، فإنه وجد موضوعات تتزايد يوماً بعد يوم، بين اليهود الأسبان والبرتغاليين في أمستردام. وربما تعرف على باروخ سبينوز الذي عاش في هذه المدينة من ١٦٣٥. وذهب بعضهم إلى أن رمبرانت نفسه كان يهودياً. وهذا غير صحيح لأنه عمد ونشأ على المذهب البروتستانتي. وكانت ملامحه تنطق بأنه هولندي، ولكن لم يعرف عنه أي تحيز ملحوظ بالنسبة للدين أو للجنس. وثمة عمق خاص لتفاهمه الموسوم بالعطف في رسومه لليهود. لقد افتتن بشيوخهم ولحاهم التي تقطر منها الحكمة وعيونهم التي تشف عن الحزن والأسى. وإنك لتجد نصف العذاب النفسي عند العبرانيين مائلاً في وجه "اليهودي العجوز" وهي اللوحة التي رسمها رمبرانت ١٦٥٤ والموجود الآن