للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوربا البروتستانتية ترنو إلى جوستاف، على أنه منقذها المنتظر من الحرب الكبرى التي كانت تجتاح ألمانيا آنذاك.

وفي أوقات السلم واجه جوستاف مشكلات الإدارة الداخلية بذكاء وحنكة أقل منهما في الحرب. وكان أيام غيابه في المعارك يعهد بحكومة البلاد إلى النبلاء وكان يبيح لهم، ضماناً لولائهم، احتكار المناصب وشراء أراضي التاج الشاسعة لقاء ثمن زهيد. ولكنه وجد فسحة من الوقت لتثبيت دعائم الموارد المالية وإعادة تنظيم المحاكم والخدمات البريدية والمستشفيات وتحسين أحوال الفقراء. وأسس المدارس المجانية وجامعة دوربات، وأغدق بسخاء على جامعة أبسالا، ونهض بالتعدين وعلم المعادن. ولم يكن نجاحاً يسيراً، من بين ما حققه من نجاح في مجالات مختلفة، أن السويد توافرت فيها الموارد والخبرات والمهارة لصناعة الأسلحة. وشجع التجارة الأجنبية عن طريق منح الاحتكارات، ومنح شركة البحار الجنوبية السويدية امتيازاً. وروع وزيره أوكسنستيرنا، الذي عرف بهدوئه في مواجهة الأزمات، بطاقة مليكه ونشاطه فقال: "إن الملك يشرف على المناجم والتجارة، والصناعات والجمارك ويوجهها كما يدير موجه الدفة سفينته (٧) " وتوسل إلى جوستاف أن يخفف من نشاطه، فأجابه الملك بقوله: "لو كنا جميعاً في مثل برودتك لتجمدنا" فرد عليه الوزير بقوله "ولو كنا جميعاً في مثل حرارة جلالتكم لاحترقنا (٨) ".

وكان الآن لزاماً أن تندس الحمى المدمرة التي تضطرم بين جنبي الفارس السويدي إلى "حرب الثلاثين"، فقد قال: "إن كل حروب أوربا يعلق بعضها ببعض (٩) " وكان قد لحظ بقلق بالغ انتصارات ولنشتين وتقدم جيوشل هيسبرج في شمال ألمانيا وانهيار مقاومة الدنمرك، وتحالف بولندة مع النمسا، وهما كاثوليكيان، ومن ثم فسرعان ما قد تسعى قوات آل هيسبرج إلى السيطرة على البلطيق. وبذلك قد تصبح تجارة السويد وعقيدتها وحياتها تحت رحمة الإمبراطورية والبابوية. وفي مايو ١٦٢٩ أرسل جوستاف إلى مجلس الديت السويدي تحذير من خطة ولنشتين في أن يجعل من البلطيق