التي اصطنعت لهذا الغرض، وإجلاس نبيل أصيل على العرش (٥١). وكشف ديمتري المؤامرة، وأعتقل زعماءها، وبدلاً من الإسراع بإعدامهم، كما تقضي بذلك التقاليد، منحهم الحق في أن يحاكموا أمام الجمعية الوطنية التي اختير أعضاؤها لأول مرة من بين جميع الصفوف والطبقات. فلما أصدرت حكمها على شويسكي وآخرين بالإعدام خفف ديمتري الحكم إلى النفي، وبعد خمسة أشهر أباح للمنفيين العودة. وكان كثير من الناس يعتقدون أنه ابن إيفان الرهيب، ولكنهم شعروا الآن- بعد تصرفه على هذا النحو- أن مثل هذا الاعتدال أو الرفق غير التقليدي يلقي ظلالاً من الشك على أبوته الملكية. وعاد المتآمرون المعفو عنهم إلى تدبير المؤامرات من جديد. واشتركت فيها أسرة رومانوف التي احتمى ديمتري بظل الانتساب إليها. وفي ١٧ مايو ١٦٠٦ اقتحم شويسكي الكرملن بأتباعه المسلحين. ودافع ديمتري عن نفسه دفاعاً مجيداً، وقتل بيده كثيراً من مهاجميه، ولكنه في النهاية غلب على أمره وذبح. وعرضت جثته في ساحة الإعدام، وألقى على وجهه قناع حقير، ووضع في فمه مزمار، ثم بعد ذلك أحرقت الجثة، وأطلق عليها مدفع حتى تذرو الرياح رمادها فلا تبعث من جديد بعد الآن.
ونادى النبلاء المنتصرون بشويسكي قيصراً تحت اسم فاسيلي الرابع: وآلى على نفسه ألا يعدم أحداً ولا يصادر أملاكاً، دون موافقة "الدوما"(مجلس النبلاء). وأقسم في كاتدرائية أوسبنسكي أغلظ الإيمان بأنه "لن يلحق بأي إنسان أذى دون موافقة المجلس "أي الجمعية العمومية التي تضم كل الطبقات". وغالباً ما انتهكت هذه الضمانات، ولكنها كانت على أية حال خطوة تاريخية على طريق تطوير الحكومة في روسيا.
وأخفقوا في تهدئة تلك العناصر الكبيرة من السكان التي تولاها الحزن والأسى لخلع ديمتري. فاندلعت ثورة في الشمال، ونصب زعيماً لها "ديمتري" زائف آخر، أمده سجسمند الثالث ملك بولندة بعون غير رسمي. فالتمس