كوبرنيكس تتعارض تعارضاَ تاماً لا يقبل الجدل مع الكتاب المقدس وأرسل معرضون أقل شأناً بشكاوى إلى محكمة التفتيش، وفي ٢٠ مارس ١٦١٥ أودع كاسيني اتهاماً رسمياً ضد جليليوني المحكمة، فكتب المونسنيور ديني إلى جاليليو أنه لم يمس بسوء إذا وضع في منشوراته بعض عبارات تشير إلى أن رأي كوبرنيكس هو مجرد فرضية (١٠١). ولكنه أبى، كما قال، لن يعدل أو يخفف من كوبرنيكس. وفي رسالة نشرت في ١٦١٥، كتب إلى دوقة تسكانيا الكبرى يقول:"بالنسبة لترتيب أجزاء الكون، أعتقد أن الشمس قائمة دون حركة في مركز دوران الأجرام السماوية (١). على حين أن الأرض تدور على محورها كما تدور حول الشمس (١٠٢)، ثم مضى يمعن في الهرطقة:
"إن الطبيعة عنيدة ثابتة لا تتغير، ولا تتجاوز قط القوانين التي فرضت عليها. ولا تكترث في قليل ولا كثير بأن الناس لا يفهمون أسبابها ولا مناهجها العويصة المبهمة. ومن ثم فإنه يبدو أنه ليس ثمة شيء طبيعي تضعه التجربة الحسية أمام أعيننا، أو تثبته لنا البراهين الضرورية، ينبغي أن يكون محل نزاع بمقتضى نصوص الكتاب المقدس، التي قد يكون لها معنى مختلف كامن وراء الألفاظ".
على أنه وعد بالامتثال للكنيسة:
إني أعلن (ولسوف يتضح صدقي وإخلاصي) لا مجرد أني أقصد أن أستسلم حراً مختاراً وأعترف بأخطائي التي يمكن أن أقع فيها في هذا النقاش، ونتيجة الجهل بأمور تتعلق بالدين، بل إني كذلك لا أحب أن أدخل في نزاع حول هذه الأمور مع أي إنسان كان … وهدفي
(١) من سخرية التاريخ أن هذه القضية لا يؤمن بها اليوم أي فلكي، وربما كان الفلك بأسره، مثل التاريخ برمته، يجب أن يؤخذ على أنه مجرد فرضية. وليس ثوة تيقن في العالم الآخر، كما أنه ليس ثمة تيقن من الأمس.