إذا بقي ذكر هوبج جروتو عالقاً بالأذهان، على حين طوى النسيان تقريباً ذكر معظم الرواد الأوائل في حقله، وهو القانون الدولي (١) فقد يرجع هذا إلى أنه عاش كما كتب، ولأنه ألف كتابه الممتاز في فترة كانت تعج بدبلوماسية نشيطة وسياسة محفوفة بالمخاطر. ولد هويج (أو هوجو) في دلفت، ودرس الرياضيات والفلسفة والقانون في ليدن. وامتدح سكاليجر أسلوبه اللاتيني وأثنى عليه، وفي السادسة والعشرين حظي بتقدير بلاده له بسبب مؤلفه "حرية البحار"(١٦٠٤) الذي أوجز فيه القانون البحري، ودافع عن حرية البحار من أجل جميع البلاد، وبخاصة هولندا التي كانت تتحدى البرتغال التي ادعت احتكار الطرق البحرية إلى الشرق الأقصى. وعندما عين مؤرخاً رسمياً للمقاطعات المتحدة ألف بلغة لاتينية قاربت حد الامتياز تاريخاً جريئاً، ولكنه دقيق للثورة الكبرى، ولقد رأيناه يناضل إلى جانب مذهب التحرر الذي نادى به أرمنيوس في النزاع بين أولدنيا تفلدت وموريس ناسو. فقبض عليه واعترف بأخطائه (٧٠) فحكم عليه بالسجن مدى الحياة. وتوسلت زوجته أن تقيم معه في السجن، فسمح لها بذلك. وبعد قرابة ثلاثة سنوات قضاها في السجن، خبأته زوجته في صندوق للكتب، فهرب من المعتقل، وقصد إلى فرنسا حيث أجرى لويس الثالث عشر معاشاً ضئيلاً. وعندما صعدت ألمانيا حرب الثلاثين، ألف جروشيوس الذي كان يعاني الفقر والعوز كتابه "قانون الحرب والسلام"(١٦٢٥).
(١) وعلى الأخص فرانسيسكو أستاذ اللاهوت في سلامنكا في "المحاضرات" (١٥٧٧). البريكو جنتيلي أستاذ القانون المدني في أكسفورد الذي استبق بكتابة "قانون الحرب" (١٥٨٨) كتاب جردشيوس "الدفاع عن حرية البحار"، ثم فرانسيسكو سورية الذي عرض في كتاب ضخم فكرة إنشاء عصبة أمم يحكمها القانون الدولي.