العصور الوسطى على علاقات الدول بعضها ببعض. وهذا يصبح في نظر جروشيوس التجمع المبهم أو غير الواضح لكل القواعد والقيود التي قبلتها معظم الدول المتطورة أو النامية، بحكم العرف، في اتصالاتها المتبادلة. وعلى هذين الأساسين: القانون الطبيعي، وقوانين الشعوب، يبني جروشيوس الهيكل النظري، وهو أول صياغة حديثة لقانون دولي مرغوب فيه.
وهو بصفة عامة يحرم الحرب على الإطلاق. وهو يدرك أن الجماعة- مثل الحيوان- إذا أحست بأنها مهددة من أعز ما تملك أو في حياتها، فإنها ستدافع عن نفسها بأية وسيلة متاحة- وإذا أمكن بالحجة والبرهان أو بالقانون، حتى إذا أخفقت هاتان الوسيلتان، فأية قوة تأمرها بأمرها (٧٣). وبناء على هذا فإن أية دولة في مثل هذه الظروف يكون لها الحق في شن الحرب دفاعاً عن حياة مواطنيها وممتلكاتهم. ولكن الحرب عمل مجافٍ للعدالة ولا يمكن تبريره، إذا شنت من أجل الغزو والفتح، أو السلب والنهب، أو من أجل الأرض، أو لرغبة صادقة أو مزعومة في فرض حكومة صالحة على شعب غير راغب فيها (٧٤). والحروب الوقائية جائرة كذلك. نشر بعض الكتاب مبدأ لا يمكن التسليم به قط، وهو أن قانون الشعب يجيز لدولة ما أن تبدأ أعمالاً عدائية ضد دولة أخرى تثير عظمتها المتزايدة فزع الدولة الأولى. وإذا كان هذا مجرد ذريعة نفعية، فإنه إجراء يجوز اللجوء إليه، ولكن مبادئ العدالة لا تؤيده (٧٥). ويجب أن يلتزم الأفراد بالامتناع عن الخدمة في حروب يرون بوضوح أنها جائرة (٧٦).
فإذا افترضنا، حينذاك أن ثمة حرباً عادلة مشروعة، فإن لكل أمة تشترك فيها حقوقاً، فلها أن تلجأ إلى الخداع والتضليل، وتثأر وتسترد الأرض، وتستولي على الغنائم، وتأسر وتستخدم الأسرى. ولكن على الأمة واجبات، مثلما أن لها حقوقاً، فيجدر بها أن تعلن الحرب قبل أن تشنها، كما تحترم أية معاهدة عقدت بشأنها، وتلتزم بمسئوليات فيها بصرف النظر عمن عقدت معه. كما يجدر في حملات الغزو المحافظة على حياة النساء والأطفال