الثلاثين عاماً انضم إلى قوات مكسيمليان أمير بافاريا، وتذكر رواية غير مؤكدة أنه اشترك في معركة "الجبل الأبيض".
وفي غضون هذه الحملات. وبخاصة في شهور الشتاء الطويلة التي تعوق مواصلة القتل، كان ديكارت يتابع دراسته، وفي الرياضيات بصفة خاصة. وذات يوم (١٠ نوفمبر ١٦١٩) في نيوبرج بالقرب من أولم في بافاريا، اتقى البرد بالقبوع في "موقد"(من المحتمل أن تكون غرفة مدفأة خصيصاً له) وفيها-كما يقول هو-رأى فيما يرى النائم في ثلاث رؤى أو ثلاثة أحلام، ومضات من النور، وسمع رعداً، وبدا له أن روحاً سماوية كانت توحي إليه بفلسفة جديدة. وبعد خروجه من "الموقد"(الغرفة) كان-كما يؤكد لنا-قد صاغ الهندسة التحليلية، وتصور فكرة تطبيق المنهج الرياضي في الفلسفة (٨٠).
ورجع إلى فرنسا في ١٦٢٢، ورتب أموره المالية. ثم استأنف جولاته، فقضى قرابة سنة في إيطاليا: فقصد من البندقية (ويقولون سيراً على الأقدام) إلى لوريتو حيث قدم إجلاله للعذراء. ورأى رومة في فترة الغفران (١٦٢٥)، ومر بفلورنسة ولكنه لم يزر جاليليو. ثم قفل عائداً إلى باريس وهناك في الريف تابع دراسته العلمية. وصحب الرياضي المهندس العسكري جيرار ديسارج في حصار لاروشيل (١٦٢٨). وفي أخريات هذا العام قصد إلى هولندة، حيث قضى في المقاطعات المتحدة بقية أيام حياته تقريباً، اللهم إلا بعض فترات قصيرة قصد فيها إلى فرنسا لتدبير شؤونه المالية.
ولسنا نعرف لماذا ترك فرنسا، ويحتمل أن هذا يرجع إلى أنه "بعد أن أفصح عما لديه من أسباب للشك في أشياء كثيرة (٨١) "وخشي أن يتهم بالهرطقة، مع أنه كان له أصدقاء كثيرون من رجال الكنيسة هناك، مثل مرسن وبيرول. وربما حاول أن يتجنب الأصدقاء والأعداء على حد سواء، أملاً في أن يجد في بلد غريب عزلة اجتماعية (لا فكرية) يستطيع بها أن يشكل الفلسفة التي