جاسندي آراء ديكارت في كياسة فرنسية (١٠٦). فإن الكاهن لم يقتنع بحجة-ديكارت الوجودية عن وجود الله. أما هوبز فاعترض على أن ديكارت لم يثبت استقلال العقل عن المادة والمخ. ويقول أوبري بأن هوبز بصفة خاصة "كان يميل إلى القول بأنه ديكارت لو قصر نفسه على الهندسة تماماً لأصبح أعظم علماء الهندسة في العالم، وأنه لم ينسجم مع الفلاسفة (١٠٧). واتفق هيجينز مع هوبز، وذهبا إلى أن ديكارت نسج قصة خيالية من عناكب الميتافيزيقا.
والآن وبعد ثلاثة قرون من البحث والمناقشة قد يكون من اليسير أن نتبين نقاط الضعف في أول منهج حديث جريء للفلسفة. أن فكرة تحويل الفلسفة إلى صيغ هندسة، ساقت ديكارت إلى طريقة استنباطية، اعتمد فيها في طيش زائد، برغم تجاربه، على نزعته إلى الاستنباط. وأنه لعمل انتحاري أن نجعل من الوضوح أية فكرة وجلائها وبهائها وبداهتها اختباراً لصحتها، فمن ذا الذي يجسر على هذا الأساس، على إنكار دوران الشمس حول الأرض؟ والمحاجة بأن الله موجود لأن لدينا فكرة واضحة متميزة عن كل كائن لا نهائي بالغ حد الكمال (وهل هذا صحيح؟)، ثم المحاجة بأن الأفكار المتميزة جديرة بالثقة لأن الله لا يمكن أن يخدعنا، إن هي إلا ضرب من التفكير دائري مثل مدارات كواكب ديكارت. إن هذه الفلسفة تتضح بمفاهيم سكلاستية العصور الوسطى، التي نصحت بنبذها. إن شك مونتيني كان أثبت وأبقى من شك ديكارت الذي لم يفعل إلا أن زحزح الهراء التقليدي ليفسح مكاناً لهرائه هو.
ومع هذا كله، بقي في علم ديكارت، أن لم يكن في "ميتافيزيقاه" ما يشيع في نفسه الخوف من الاضطهاد والتعذيب. فإن نظريته في "ميكانيكية الكون" تركت المعجزات والإرادة الحرة في موقف خطر ومأزق حرج، برغم اعترافه بالدين القويم والصراط المستقيم. أنه لما سمع باد أنه جاليليو (يونية ١٦٣٣) طرح جانباً مؤلفه الضخم "العالم" الذي كان قد اعتزم أن يضم فيه شتات أبحاثه العلمية والنتائج التي توصل إليها، وكتب، وقبله يقطر أسى وحزناً، إلى مرسن: