تقواه، ولكن رجال العلم أطروا رياضياته وفيزياءه، ولكن دنيا الأناقة في باريس، أقبلت في سرور بالغ على مؤلفاته التي كتبها في لغة فرنسية مشرقة جذابة. وسخر موليير من "السيدات العالمات" اللاتي تبادلن أنباء الدوامات في الصالونات، "ولكنهن لم يطقن الفراغ" وكان الجزويت حتى تلك اللحظة متسامحين مع تلميذهم النجيب، وكانوا قد اسكتوا واحداً من طائفتهم شرع يهاجم ديكارت (١٠٩)، ولكنهم بعد ١٦٤٠، لم يعودوا يظلونه بحمايتهم. وكان لهم يف ١٦٦٣ ضلع في أدراج مؤلفاته في قائمة الكتب المحظورة. ورحب بوسويه وفنلون ببراهين ديكارت على المبادئ الأساسية في المسيحية، ولكنهم رأوا في تأسيسها على العقل خطراً على العقيدة، واستنكر باسكال الاعتماد على العقل، على اعتبار أن هذا العقل ريشة في مهب الريح.
ولكن اعتماد ديكارت على العقل، هو الذي، على وجه الدقة، أيقظ ذهن أوربا، وأوجز فونتيل الأمر بقوله "أن ديكارت … هو الذي أمدنا بطريقة جديدة للتفكير، تدعو إلى الإعجاب أكثر مما تدعوا فلسفته ذاتها، تلك التي يعتريها قدر كبير من الزيف والشك، وفقاً للقواعد التي علمنا إياها هو نفسه (١١٠) "إن شك ديكارت أدى لفرنسا-أو للقارة بصفة عامة-ما أداه بيكون لإنجلترا: - أنه حرر الفلسفة من أغلال الزمن وأطلقها لتبحر في جرأة وشجاعة في بحر مكشوف، حتى ولو أنها ما لبثت أن عادت، عند ديكارت نفسه إلى شاطئ الأمان المألوف. ولسنا نقول بأنه كان ثمة انتصار عاجل أو فوري للعقل، فإن التقاليد والأسفار المقدسة كانت أكثر ثباتاً وقوة في أزهى عصور فرنسا، وهو "القرن العظيم" أي عصر لويس الرابع عشر، أنها كانت حقبة بورت رويال وباسكال وبوسويه، أكثر منها حقبة خلفاء ديكارت. أما تلك الحقبة نفسها في هولندا فهي عصر سبينورا وبيلي، وفي إنجلترا عصر هوبز ولوك. أن الزرع كان يخرج شطأه.
وكان لأعمال ديكارت بعض الأثر على الأدب والفن في فرنسا. إن