أسلوبه كان ابتداعاً منعشاً. وهنا كانت الفلسفة بلغة قومية في متناول الجميع بشكل خطير، وقلما يتحدث فيلسوفاً بمثل هذه الألفة الساحرة وهو يعدد مغامرات العقل وتجاربه المثيرة بمثل السلاسة والحيوية التي يعدد بهما فرواسار وبطولات الفروسية ومآثرها. ولم يكن كتاب "مقال في المنهج" مجرد رائعة من ورائع النثر الفرنسي. بل إنه كذلك ضرب، للعصر الزاهر في فرنسا، مثلاً في لغته وأفكاره، للترتيب وبراعة التفكير والاعتدال في الآداب والفنون والسلوك والحديث. وتلاءم توكيده على الأفكار الواضحة الجلية مع الذهن الفرنسي، وأصبح رفعه من شأن العقل أول قاعدة من قواعد الأسلوب الممتاز عند الناقد الفرنسي بوالو:
"أحب العقل إذن، ولتستمد كتاباتك وقيمتها منه وحده (١١١) ".
وباتت الدراما الفرنسية لمدة قرنين من الزمان بلاغة العقل التي تنافس تمرد العاطفة والهوى وربما عانى الشعر الفرنسي بعض الشيء من ديكارت، فإن مزاجه وآلياته (ميكانيكي) لم يتركا للخيال أو الأحاسيس سوى مجال ضيق. إن فوضى رابليه المهتاجة واستطرد مونتيني الذي لا ضابط له، بل حتى الاضطرابات العنيفة في الحروب الدينية، أن هذه كلها أفسحت المجال، بعد ديكارت، لمناقشات كورني العقلانية، ولوحدات راسين العارمة، ولتقوى بوسويه المنطقية، ولقانون الملكية والبلاد ونظامهما وشكلهما وسلوكهما في عهد لويس الرابع عشر. وأسهم ديكارت، عن غير قصد منه في ابتداع طراز جديد في الحياة الفرنسية، كما فعل في الفلسفة سواء في سواء.
وربما كان أثره في الفلسفة أعظم من أثر أي مفكر آخر قبل كانت. لقد استقى مالبرانش منه، وتتلمذ سبينوزا على منطق ديكارت، واكتشف نقاط الضعف فيه عند شرحه. وقلد "المناقشات" في نبذة عن سيرة حياته بعنوان "تحسين التفاهم"، وتبنى المثل الأعلى الهندسي في كتابه "الأخلاق"، وبنى بحثه في "استرقاق الإنسان" على بحث ديكارت "رسالة في انفعالات النفس".