أوائل ١٦٤٨، يندد بالضرائب التي أفقرت الشعب على عهد ريشليو ومازاران إذ يقول:
"لقد ألحق الخراب بفرنسا طوال عشرة أعوام. فاضطر الفلاحون أن يناموا على القش بعد أن بيعت أمتعتهم وفاءً للضرائب. وتمكيناً لنفر من الناس من أن ينعموا في باريس بحياة البذخ أكرهت جماهير لا حصر لها أن تعيش على الخبز القفار .. فاقدة كل شيء إلا نفوسها-وهذه لم تترك لها إلا لأن أحداً يجد سبيلاً لعرضها للبيع (٦).
وفي ١٢ يوليو، انعقد البرلمان في قصر العدالة مع غيره من محاكم باريس ووجهوا إلى الملك وأمه مطالب عدة لابد أنها بدت لهما ثورية. فقد طالبوا بخفض ربع الضرائب الشخصية كلها، وبألا تفرض ضرائب جديدة دون موافقة البرلمان بالتصويت الحر، وبطرد النظار الملكيين Intondants الذين حكموا الأقاليم دون اكتراث للحكام والقضاة المحليين، وبألا يحبس شخص أكثر من أربع وعشرين ساعة دون أن يمثل أمام القضاة المختصين. ولو أن هذه المطالب أجيبت لأصبحت حكومة فرنسا ملكية دستورية، ولسارت فرنسا جنباً إلى جنب مع إنجلترا في تطورها السياسي.
بيد أن الملكة الأم ربطتها بالماضي جذور أقوى من النصر بالمستقبل، إذ لم يكن لها عهد قط بأي شكل من أشكال الحكم سوى الملكية المطلقة، وقد أحست أن التخلي عن السلطة الملكية على هذا النحو المقترح الآن مفض لا محالة إلى صدوع لا رأت لها في صرح الحكومة الوطيد، وإلى تقويض تلك الركيزة السيكلوجية التي يستمدها من التقاليد والعرف، والنزول بها إن عاجلاً أو آجلاً إلى فوضى الجماهير المتسيدة. ثم يالها من سبة أن تسلم ولدها سلطة دون تلك التي تمتع بها أبوه (أو ريشليو)! ذلك تقاعس عن واجبها سوف يوقفها موقف الإدانة أمام محكمة التاريخ. ووافقها مازاران لما رأى من قضاء مبرم عليه في هذه المطالب الوقحة من هؤلاء القانونيين المتنطعين. ومن ثم أمر في ٢٦ أغسطس بالقبض على بيير بروسيل وغيره