وإنه لمن البغيض إلى النفس أن نذكر قائمة آيات البناء الهندوسي في الشمال غير التي ذكرناها، دون أن نذكر أوصافها التي تتميز بها، وأن نمثلها بصورها الفوتوغرافية؛ ومع ذلك فيستحيل على من يسجِّل المدنيَّة الهندية أن يغض الطرف عن معابد "سوريا" في "كاناراك" و "موزيرا"، وعن برج "جاجانات بوري"، وعن البوابة الجميلة في "فادناجار"(٨٥) والمعبدين الضخمين "ساس- باهو" و "تلى- كار- ماندير" في "جواليور"(٨٦) وقصر "راجا مان سنج" وهي أيضاً في "جواليور"(٨٧)"وبرج النصر" في شيتور (٨٨)، ولا تستطيع العين أن تخطئ معابد الشيفاويين في "خاجوراهو"؛ وفي المدينة نفسها ترى القبة الكائنة عند دهليز المدخل في معبد "خانوارماث"؛ وهي تدل دلالة جديدة على قوة الفتوة السارية في العمارة الهندية، وعلى ما في النحت الهندي من غزارة تفصيلات وصبر في الصناعة (٨٩) وعلى الرغم من أن معبد شيفا في "إلفانتا" لم يبق منه إلا أنقاض، فهو دليل بأعمدته الضخمة المحفورة، ورؤوس الأعمدة التي على شكل نبات الفُطْر، ونقوشه البارزة التي لا يفوقها شيء في بابها، وتماثيله القوية (٩٠)، هو بهذا كله دليل على عصر قويت فيه الروح القومية، وازدادت المهارة الفنية على نحو لا يكاد يعلق منه بالذاكرة شيء.
إنه ليستحيل علينا إلى الأبد أن نقدر الفن الهندي حق قدره، لأن الجهل والتعصب قد قضيا على أعظم آثاره، ثم كادت تدمر البقية الباقية منه؛ ففي "إلفانتا" أثبت البرتغاليون تقواهم بتحطيم التماثيل والنقوش البارزة على نحو من الهمجية لم يعرف حدوداً يقف عندها؛ وتكاد لا تجد مكاناً في الشمال لم يقوض فيه المسلمون تلك الروائع الباهرة التي يجمع رأي الرواة على أنها كانت أرفع قدراً من آيات العهد الذي تلا عهدها، مع أن هذه الأخيرة تثير فينا اليوم شعور العجب والإعجاب؛ لقد أطاح المسلمون برؤوس التماثيل، ثم حطموها عضواً عضواً، وعدلوا من الأعمدة الرشيقة التي كانت في معابد الجانتيين (٩١)