والنسب، وكانت تقول "أنني أنتمي إلى بيت لا يفعل إلا ما هو جليل نبيل"(١٠). وقد تطلعت إلى الزواج من لويس الرابع عشر رغم أنه ابن عمها، فلما لم تلقَ تشجيعاً احتضنت التمرد. وحين سمعت استغاثة مدينتها ورأت أباها يكره أن يخوض المعمعة، حصلت على رضاه بأن تنوب عنه. ولقد طالما غاظتها القيود التي فرضها العرف على بنات جنسها، ولشد ما أنكرت حرمان النساء من الانخراط في سلك الجندية. ومن ثم فقد لبست الآن درعاً وخوذة، وجمعت من حولها لفيفاً من كرائم النساء المسترجلات وقوة صغيرة من الجند زحفت بها في مرح وابتهاج على أورليان. وأبى القضاة أن يدخلوها المدينة خشية إغضاب الملك، فأمرت بعض رجالها أن ينقبوا ثغرة في الأسوار، ومنها تسللت وبرفقتها كونتيستان بينما الحراس يغفون أو يغضون. وما إن أفلحت في دخول المدينة حتى استطاعت أن تلهب مشاعر أهلها بسحر خطبها النارية. وهكذا رد موليه عن المدينة خاوي الوفاض، وأقسمت أورليان يمين الولاء للـ"عذراء" الجديدة.
وبلغت حرب الفروند الثانية ذروتها على أبواب باريس. فقد زحف كونديه عليها من الجنوب، وهزم جيشاً ملكياً، وأوشك أن يأسر الملك، والملكة، والكردينال، ولو فعل لـ"مات الشاه" حقيقة لا مجازاً، وبينما كان جيشه يدنو من باريس، حملت الجماهير-وهم "الفرونديون" هنا أيضاً، رفات القديسة جنفييف راعية المدينة وطافت الشوارع في موكب ضارعه إلى الله أن ينصر كونديه ويسقط مازاران أما الجراند مدموازيل فقد هرعت من أورليان إلى قصر لكسمبورج حيث كان أبوها لا يزال على تذبذبه، وطلبت إليه أن يؤيد كونديه، ولكنه أبى. واقترب الآن تورين وجيش الملك، والتقيا بقوات كونديه خارج الأسوار قرب بوابة سانت انطوان (ميدان الباستيل الآن). وكاد تورين يكسب المعركة، لولا أن المدموازيل اندفعت إلى الباستيل وحرضت